الطفل العرض
يشكو الآباء والمربون غالبا من مشاكل أبنائهم خصوصا النفسية منها والتربوية ، فتجد أما تشكو من غيرة ابنها من أخيه واخرى تشكي من الكذب المتواصل لطفلتها ،وأب يردد دائما في التجمعات أن ابنه عنيد وأنه ورث طبع جده أو خاله ..، وتسمع الجيران يشكون من عدائية أبناء أسرة فلان ،والمربون حائرون في كيفية التعامل مع بعض مشاكل الاطفال لأنها بالنسبة لهم مجهولة السبب أو معقدة !
يعاني الطفل من مشكل ما أو اضطراب فيعالج بالضرب عند بعض العائلات حتى يصبح حقودا عدائيا ، أو تابعا خاضعا ، أو أن يؤخذ به الى مختص فيبحث في الأسباب الوراثية منها والاجتماعية و النفسية ..، فينتظر الآباء الوصفة السحرية التي ستجعل طفلهم مثل الملاك الذي في مخيلتهم ، لكن بعد حصة أو حصتين حتى يستدعى الولي تعال يا عزيزي أنت هو المرض وطفلك هو العرض ...!
الطفل العرض : هو الطفل الذي تتمظهر عليه كل الاضطرابات والسلوكات السلبية ،وقد تكون تلك السلوكيات تمارس عليه أو تمارس أمامه ، فما يفعله الطفل يكون انعكاساً لما يحدث أمامه ، فياخذ الطفل الى المعالج فيكتشف ان الطفل ماهو الا مجموعة من الأعراس لاضطراب الوالدين .
بعض الاضطرابات التي تكتسب من بيئة الأسرة :
-الخلافات الدائمة "الصراخ" واللاحوار :
إن النمو في جو يغمره الصراخ والنزاع على أبسط الامور وأعقدها يؤثر على الطفل سلبيا ويجعل نموه مضطرب ، فإما أن يسعى الى تقليد ما يحدث وكأنه أمر طبيعي وضروري ، فيجد تصادمات في الخارج و المدرسة مما يؤدي الى الشكوى المستمرة منه، ومنه يزيد القلق في الأسرة مما يزيد الامور سوءا وقد تلجأ مثل هذه الأسر الى تعنيفه ، وقد يكون الوالدين ذوي شخصيات سلطوية مما ينتج طفلا خاضعا لاحول له ولا قوة فيحتار الوالدين في السبب وراء هذا الاختلاف ويلجآن الى الصاق التهم ، كلاً يتهم الآخر بانه هو السبب ولايمكنك أن تتوقع المخرج لهذه المتاهة !
الكذب والخداع والشتم :
عندما تكذب المرأة على زوجها والزوج على زوجته ، في حظرة الطفل ويكون الطفل شاهدا على ماحدث ، ثم بعد ذلك يخبرون الطفل أن الكذب سلوك سيئ ويعاقبونه على الكذب ، من جهة أخرى عندما يكون الشتم بكل أنواعه مرافقا لكل نوبة غضب صغيرة كانت أو كبيرة ، هل سيقتنع الطفل أن هذا الكلام سيئ ولا يجب أن يقوله ، إن التجربة هي التي ستتكفل بالاجابة .
العدائية والعنف :
عندما يكون العنف أسلوبا لمعالجة جميع المشاكل التي تحدث في الأسرة ، يظهر جليا أن هذه المشاكل لا تحل بل تولد مشاكل أخرى ، ومنها أن الطفل يأخذ هذا السلاح الهدام معه دائما ويستعمله ضد أفراد الأسرة بحد ذاته فتجدهم يعانون من مشكل العنف والعدائية عند الطفل !! لا يتوقف الأمر على هذا فقط ، بل يأخذونه الى الأخصائي أو المرشد ! طالبين النجدة وعلى وجوههم الخيبة والدهشة .
الخوف والخجل والتبول اللارادي :
الطفل الذي يعيش في جو مرعب أو في مكان مقيد وصارم ، يكون لخوفه وخجله سبب واضح ! لكنه ليس كذلك لدى الآباء لانهم منشغلون بالحفاظ على زرع هذه الأجواء اللاسوية في الأسرة وصناعة أطفال موسومين بالخوف والخجل من كل شيئ ، أما التبول اللارادي ففي هذه الحالة يكون من الخوف الشديد أو الأجواء الصارمة
التمرد والعناد :
قد يكون تمرد الطفل من كثرة الضوابط والاحكام التي لا تناسب عمر الطفل ، أو أنه لم يستوعبها بعد ، لكن الأولياء لا يتوقفون عن الشكوى دون مراجعة أنفسهم وطريقة تعاملهم .
كيف نكتشف الطفل العرض :
يعرف الطفل بانه مجرد عرض لاضطراب لاحد والديه أو كلاهما عندما يذهب الى الأخصائي طبعا ، لأنه بدون ذلك سيبقى طفلا عاقا و " دعوى شر " كما يقال في مجتمعنا ، أو ربما أصيبت الأسرة لطيب نسبها وأصلها العريق " بالحسد والعين " ...، وكما يعرف في الجلسات مع الطفل تكون هناك مقابلات مع الأولياء وهنا يلاحظ الأخصائي المشكل الذي يعانون منه فيستمر في علاج الأبوين فيختفي العرض
لماذا نصل الى أن يعاني الاطفال :
ان عدم استبصار الوالدين بذاوتهم ، وعدم مراقبة سلوكهم مع بعضهما ومع أطفالهم وحتى مع بقية البشر ، والتعامل السيئ مع المشاكل يؤدي دائما الى خلل في سلوك الأطفال وهم من يدفع الثمن ، كذلك عدم وعي الآباء بأسس التربية الصحيحة ، وتربية الاطفال وفق ما يناسبهم أو اهمالهم حتى يفوت الأوان ، أو الاهتمام المبالغ فيه تلبية لعقدهم النفسية المكبوتة كل ذلك يساهم في صناعة الطفل العرض !
كيف أحمي طفلي من أن يكون عرضا :
إن على الزوجين الراغبان في إنجاب الاطفال أن يحضرا حصص التوعية النفسية والتربوية ، للاستعداد جيدا لهذا الحدث الرائع وليتمكنا من تربية طفل سوي ناجح مبدع ومحب لنفسه ولأسرته ولمجتمعه ، وان يتحليا بالمرونة في تعاملهم والذكاء في مساعدة أطفالهم على حل مشاكلهم ، وأن يستوعبا أن الطفل يرى ويسمع ما يحدث أمامه ، يشعر ويقلد ، و أن يعرفا ان الطفل هو مرآة لوالديه وهما أول نموذج يعيش معه ويتأثر به .
المرجع : محاضرات من علم النفس الطفل والمراهق
إعداد : إكرام يوسري