الاحباط والتقبل .
❞ تَعلّم أنْ تتقَبّل مَا لا تَسْتطيع تَغييره وأنْ تُركّز عَلى ما تَسْتطيع التَأثير فِيه. ❝
⏤ احمد الشقيري
إشكالية الإحباط :
تمر احداث الحياة بالمد والجزر تارة تأتي الامور لمصلحتنا وتارة تأتي ضدنا ونقع في فخ عدم الرضا والجزع وتمني ان تكون الامور كما خططنا لها واردنا لها ان تكون ،إن المعضلة ان دوام الحال من المحال وان التغيير هو الثابت الوحيد ، إن التغيير وقدوم الامور على غير مانشتهيه يكون مؤلم لنا بل وشديد الالم ...
ويحصل الاحباط عندما نبني سقف توقع عالي ويفشل فيحصل لنا إحباط وعدم تقبل لما الت عليه الامور ، عندما نتوقع والتوقع مختلف عن التفاؤل لان التوقع يمثل التأكد من حدوث هذه النتيجة اما التفاؤل فهو التأمل بحدوث هذه النتيجة ولكن إن لم تحدث فأنا متقبل لجميع الاحوال ...
تحدث الاشكالية أننا نربط الموقف السلبي بالمستقبل ونشمل المستقبل مع هذا الموقف السلبي الذي حصل لنا بل اننا نكاد لا نفصل بين احداث هذا الموقف السلبي والمستقبل الذي يتمتع بخصائص مختلفة .
يذهب بعضنا بسبب الاحباط وعدم تحقق الامور كما يطمح ويرغب الى الشعور بالخنقة وكره الحياة والتوتر وقد يصل للانتحار ويرجع هذا لنسيان الاشياء الجيدة من حولك والمحاولة للوصول لحل للمشكلة الان .
إن الرفض وعدم تقبل الامور كما هي ورفض ان هذه الحياة وانها متغيرة ولايمكننا التحكم بالنتائج يؤدي للشعور بالخوف والالم ،العلاقة بين الشعور بالالم والرفض هي علاقة طردية .
اشكال عدم التقبل الذي يؤدي للاحباط :
خذ على سبيل المثال سنذكر عدة امثال نستعملها بحياتنا تؤدي بنا للشعور بالاحباط بسبب عدم تقبلنا لها :
١. تذكر احداث حدثت بالماضي، نسبة كبيرة من الناس عندما تتذكر احداث الماضي تشعر بخنقة كبيرة وغضب وغيظ ،والواقع ان ماحدث في الماضي ومافعل الاشخاص لنا من افعال ومواقف لايمكن تغييره الان ، فأن الانزعاج من هذه الاحداث وتذكرها ومحاولة التفكير انه كان بإمكاننا السيطرة عليها يؤدي الى الاكتئاب وتراجع الصحة النفسية، اذا بوابتنا للقبول هو إصلاحنا مع الماضي وتقبل ماكان فيه والتوقف عن مهاجمته، مع التفكر دائما بأهمية ماتعلمناه من ماضينا من تجارب وخبرات .
٢. التفكير فيما يحمله الناس عنا من افكار ومعتقدات ، مايحمله الناس عني ليس بالضرورة انه يمثلني ان التفكير برأي الناس يؤدي لاضعاف الهمة وحصر الاهداف على مايناسبهم بسبب التفكر برأيهم صحيح اننا نتمنى جميعا معرفة مايحملونه الناس عنا من اراء واحكام ،لكن اراء الناس بشكل عام يحمل خاصية عدم استطاعتنا التحكم فيه ،اراء الناس مهما كانت مؤلمة فهو شيئ يخصهم والتفكير فيه يؤدي للاحباط والجزع .
٣. خصائصك الجسمية مايحمل جسدك من معالم و جسدك وما ورثت عن اهلك من شكل العين و ولون البشرة وطبيعة جسدك وقابليتك لبعض الامراض هي اشياء لايمكننا التحكم بها ويجب ان لانقيد انفسنا بالتفكير في محاولة تغييرها ، فهل نكون واقعين عندما نفكر بتغير هذه الخصائص ؟ ام ان تقبلها ومحبتها هو الاصح نفسياً !
٤. الطبيعة والبيئة اي ظروف الطقس والحرارة والكوارث الطبيعية هي اشياء لايمكننا التحكم بها ولكن يمكننا قبولها وقبول تغييرات الطقس والتفكر بأن من حكمة الله تغيير حالات الطقس وان الله خلق فينا من المرونة مايجعلنا نتأقلم مع هذه التغييرات وان لانسمح للتوتر ان يهاجمنا عندما تحصل تغييرات بالطقس او عندما يقيد حركتنا ونشاطنا وتقبل ان هذا جزء من الطبيعة .
٥. ومن الحتميات الطبيعية التي يجب علينا قبولها هي مرحلتنا العمرية فانت لاتستطيع تغيير عمرك وان توقف الحياة عن التطور ولايمكنك استرجاع سنوات الشباب بل انك بحكم الحياة فأنت تتطور وتتقدم بالسن وتزاد حكمة وتجارب لكن عليك تقبل ان جسدك سيهرم ولن يكون بمقدورك الاحتفاظ بنشاطك وهمتك لاتمام العمل او للدراسة ،ولكن يمكننا بالطبع من الاستفادة من التقدم الطبي لنحقق المزيد من الصحة والحيوية.
--التقبل :
واضح أن الشخصية السوية بالرغم من ضيقها بالطاعة والامتثال يجب أن تتحلى بقدر من المنطق السديد يمكنها من تقبل ما لا يمكن تغييره بما في ذلك أحداث الماضي ، وثوابت الحياة الطبيعية ، وما نتصف به من خصائص جسمانية أو نفسية أوجدتها فينا عوامل لا قدرة لنا عليها ،فقد لا يقبل الفرد كثيرا من وقائع الحياة التي لا أمل في تغييرها أو إصلاحها . ومع ذلك نجد أن نفس هذه الحتميات هي التي تثير جزع الناس واضطرابهم . لكن الفرد بعدم تقبله لهذه الحقائق الحتمية يجعل نفسه مستهدفا لكثير من ألوان التعاسة و الاضطراب ، فإذا واجه موقف صعب لا يملك تعديله ، فإن تبديده لطاقته في التفكير في هذه الصعوبة لن يعود عليه بالفائدة التي يرجوها لنفسه ، بل سيؤدي في النهاية إلى تضخيم توتره النفسي والانفعالي ، و الى مضاعفات من الشقاء أكبر بكثير من الموقف ذاته . والحقيقة أن كثيرا من مشكلات العصابيين وغيرهم تنتج بسبب الأوجاع والمحن التي تمتلكهم في التعامل مع الأشياء المستحيلة ، فالعصابي يبحث دائما عن المستحيل أو المتعذر متجاهلا التعامل مع الممكن وتنميته . ويؤدی به هذا في النهاية إلى الاجهاد النفسي ، والشك في امكانياتة وبالتالي التفكير في البيئة على أنها مصدر للمتاعب والتهديد وأثارة المصاعب والتوترات .
كلما زاد رفضك للشيئ زاد جذبك له والمك له إن مقدار المك من مقدار رفضك فتقبل الحياة وطبيعتها وتقبل التغيير .
ضع هدف واسعى له ولاتنسى ان تتمتع بالحياة وانت تحقق هدفك وتذكر ان مهمتك هي الاسباب والكيفية وليس النتائج إن النتائج ليست من إختصاصك وعليك تقبلها كيفما أتت .
لن تملك القدرة ابدا على فهم كل شيئ ،هناك على الأرجح بعض الأشياء القليلة التي تدور حولك الآن ، وهو ما سوف يحدث دائما ؛ وسوف يبقى هذا بعيدا قليلا عن نطاق فهمك . سوف يتصرف الناس بشكل غريب ، ولن تدرك أنت السبب . سوف تسير الأشياء بشكل غير متوقع في طريقها الصحيح أو في الطريق الخاطئ ، ولن يبدو لك هذا منطقيا . إن قضاء كل وقتك في محاولة يائسة لتفهم كل ما يجري حولك سوف يقودك إلى الجنون . يجدر بك أن تكتفي بقبول أن هناك دائما أشياء تفوق قدرتك على الفهم ، وتقف عند هذا الحد . يا له من أمر بسيط !
فليكن شعارنا دائما لا أحد كاملا لقد قمت بقصارى جهدي لا بأس إذا لم يحبني الجميع . لا يوجد شخص يتفق عليه الجميع .
بقلم : خلود ابوارشيد