الشخصية السادية-ساديزم-
فما هو اضطراب السادية ؟ و ما أصله ؟
«لا تتصوّري أني أعامل زوجتي هكذا من ضغينة أو احتقار، بل ملء عاطفتي. لا شيء يعادل ما أحسّه من لذّة وأنا أفصد دمها! فهو يفضي إلى رأسي ببساطة وأنا أراه يتدفّق. لا أتمتّع بطريقة أخرى قطّ، على الرغم من مضيّ ثلاث سنوات منذ زواجي بها. كلّ رابع يوم تتلقّى المعاملة ذاتها التي جرّبتِها، ولأنها في حدود العشرين، فشبابها يتحمّل، مع الرعاية التي تلقاها، وهذا السبب الذي لا يجعلني أُفلتها أو أسمح لها برؤية أحد. أُوهم الناس أنها مجنونة»، هكذا حكى الماركيز دي ساد على لسان أحد أبطاله في رواية جوستين.
ساديزم
تشهد الآونة الأخيرة ارتفاعا هائلا في تعداد حالات المراجعة عند الطبيب النفسي حول حالات الاضطرابات الجنسية ، و يعتبر اضطراب السادية الجنسية أحدها ، لكن لنفرق بين السلوكيات السادية العابرة او السلوكيات المتأصلة في الفرد يمكننا تمييزها من خلال مقدار الألم النفسي و الجسدي الذي تخلفه لدى الشريك ، فالسادية المتعلقة بموافقة الشريك لا تتعدى سلوكيات عابرة أما السادية المرتبطة بالشخصية المعادية للمجتمع هي الأخطر و التي تؤدي الى القتل أحيانا .
فما هو اضطراب السادية ؟ و ما أصله ؟
•أصل المصطلح :
صاغ مصطلح السادية للمرة الأولى عالم النفس الألماني ريتشارد فون كرافت إيبنج Richard von Krafft-Ebing؛ وكان ذلك في نهاية القرن التاسع عشر، وقصد فيه بشكلٍ مباشرٍ تصرفات وسلوكيات أحد النبلاء الفرنسيين، الذين عاشوا في القرن الثامن عشر، وكان اسمه ماركيز دي ساد Marquis de Sade، وإليه ينسب المصطلح (1740 – 1814)، الذي اشتهر بمؤلفاته ذات المحتوى العنيف في الممارسات الجنسية، والتي اشهرها روايته المشهورة باسم (جوستين وجوليت).
«تكمن السعادة في ما يثير ويهيّج، وليس هناك شيء يثير سوى الجريمة، أما الفضيلة، التي هي ليست سوى حالة خمول واستراحة، فإنها لا تفضي إلى السعادة» _الماركيز دي ساد.
• مفهوم السادية :
ساديزم
هي الحصول على اللذة و المتعة من رؤية الآخرين يقاسون الألم أو عدم الراحة. وتتميز شخصيات الساديين بالقسوة والعدوان المتكرر.
"الشخص السادي لا يجد اللذة إلَّا في تعذيب الآخرين!"
كما يمكن ان تشمل السادية استخدم القسوة العاطفية، والتلاعب بالآخرين وذلك من خلال استخدام التخويف والعنف ،في حين يستمتع بعض أفراد السادية في تعريض الآخرين للألم والمعاناة، والسادية لا تعني دائما الاعتداء الجسدي أو العنف. ففي كثير من الأحيان، يعبر أفراد السادية عن السلوكيات الاجتماعية العدوانية والتمتع بإهانةالاخرين من أجل الشعور بالقوة أو السيطرة .
•الثالوث المظلم والسادية
هل يجب أن تكون السادية القطب الرابع في الثالوث المظلم؟
الثالوث المظلم هو المصطلح الذي يطلقه الباحثون على ثلاثة سمات شخصية تجعل من الإنسان شريراً، وهي النرجسية Narcissism، الاعتلال النفسي (سيكوباتي أو عدم التعاطف) psychopathy، والميكافيلية Machiavellianism.
واقترح آخرون أن السادية لا بد أن تضاف إلى الثالوث المظلم أو مثلث الإنسان الشرير، ليصبح مربع الإنسان الشرير.
• نشأتها لدى الفرد :
يعتقد الباحثون في علم النفس أن التجارب السلبية خلال مرحلة الطفولة أو النمو الجنسي في المراحل المبكرة قد تكون أحد العوامل الرئيسية التي تُسهم في تنمية شخصية السادية لدى الفرد ، كما لوحظ أن السادية أو شخصية السادية يمكن أن تتطور أيضا في الفرد من خلال الاشراط. على سبيل المثال، التواصل المستمر مع مثير محدد كالمتعة الجنسية أو الاستمتاع بعذاب الاخرين يسبب بما يدعى بالسادية أو السادوماشوسية.
•أنواع السادية :
√الساديّة الخفيفة: وهي من أكثر أنواع السادية المنتشرة في العالم، والتي يستطيع الإنسان من خلالها أن يتحكّم بمدى العنف الذي في داخلهِ.
√الساديّة المقبولة: وهي السادية التي يقتصر فيها سلوك الشخص على العنف اللفظي فقط، دون أن يستخدم أي نوع من العنف الجسدي.
√السادية الإجراميّة: وهي من أخطر أنواع الساديّة على الإطلاق، حيث يقوم هنا الشخص السادي بالعديد من الأعمال الوحشيّة كالسرقة، القتل، وارتكاب الجريمة.
• علاج للشخصية السادية :
√العلاج النفسى: وهو أن يتحدث المريض بالتفصيل عن حالته مع الطبيب لمعرفة الأسباب النفسية الكامنة وراء اقترافه لمثل هذا السلوك، وعليه يكون واعياً بما يفعله ويكون التحكم آنذاك أسهل.
√ العلاج الدوائي: يُستخدم هذا النوع من العلاج عندما يكون الشخص مصاباً بمرض نفسي آخر أدى إلى ظهور الذات السادية له. أو باللجوء إلى تناول الأدوية التي تحد من إفراز الجسم لهرمونات الذكورة.
√ تطوير مفهوم الإرادة لدى الشخص السادى: يُجدي العلاج بتعويد النفس على التحكم، مع من يعانون من حالات السادية بصورة خفيفة لا تصل إلى حد الإجرام سواء لطرف واحد من أطراف العلاقة أو لكلا الطرفين حتى وإن كانا سيفقدان جزءاً من الإثارة الجنسية المرتبطة لديهم بممارسة العنف .
ويتم ذلك بشرح احتمالات الخطورة التي ستنجم عن ممارسة السادية فى العملية الجنسية وما تتطلبه من إرادة قوية والتحكم فى النفس لعدم التعرض لمثل هذه الأضرار.
√ العلاج التنفيرى: لكف الممارسات العنيفة إذا كان هناك استمرار فى حدوثها.
في الحقيقة ليس من الشائع أن يبحث الشخص السادي عن علاجٍ لساديته، ولكن ما يحدث هو أن الأشخاص الساديون الذين يقترفون الجرائم؛ يحولهم القضاء للمصحات؛ بهدف تحسين سلوكهم وتصرفاتهم.
_المقال من اعداد المختصة النفسانية: جويرية بريطل .
ساديزم
_المصادر :
• د. محمد حسن غانم، الاضطرابات الجنسية ، مكتبة الأنجلو المصرية.
• مقتطفات من مقدمة كتاب «الماركيز دي ساد» من تأليف ستيوارت هود وجراهام كرولي الصادر عن المركز القومي للترجمة .