إنعكاسات وسائل التواصل الاجتماعي
إنعكاسات وسائل التواصل الاجتماعي
اصبح من الدارج هذه الايام قيام
العائلات بإنشاء قناوات على اليوتيوب ،حسابات على الانستغرام ،سناب شات و حتى
التيك توك تحمّل عليها الفيديوات الخاصة بأطفالها و حتى حياتهم الخاصة كعائلة
بالرغم من ان غالبيتها لا يوجد منها اي فائده تربوية او تعليمية ، فترى من يعبّر
عن اعجابه و آخريشتم اسفل الفيديوات تعليقاً عليها ، لكن السؤال الذي يتبادر الى
الذهن عند مشاهدة هذه الفيديوات ، ماهي الانعكسات التي تسببها وسائل التواصل ـ
بمختلف انواعها ـ على البناء الاسري ؟ و ايضاً ما اثرها على الاطفال و المراهقين
كونهم الفئه الاكثر شعبيه لها ؟
الانعكاسات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي بشتى
انواعها دور كبير في التفكك الاسري و في نقل سلوكيات و عادات خاطئة من الانفلات
الذي تعاني منه بعض الاسر تجاه ابنائها ،
التقليد الخاطئ و الاعمى ، تمرد الابناءعلى دور الاسرة و الفتيات على الرقابة
الاسرية ،كلها تأثيرات يستمدها الابناء من هذه الوسائل التي تظهر هذه السلوكيات ـ
سابقة الذكرـ كأنها شجاعة و التقليد لها بالبراعة و المهارة و تظهر القيم الأصيلة
كأنها تأخر و رجعية ، هذه الوسائل تنظر الى القيم الاسرية بأنها سلبية و تربط
الابناء بمفاهيم و قيم موجودة فقط في العالم الافتراضي .
معظم المحتوى الذي يعرض على هذه
الوسائل ذو طابع غربي و بالتالي الاختلاف في القيم التربوية و الاخلاقية و
الدينية و الثقافة المجتمعية ، و هذا
محصلته التأثير في سلوك الابناء و تكوين عاداتهم و قيمهم ، كثير من الاحيان تكون
تلك الانشطة مسرحاً لمشاهد مثيره و غريبة من العاب و تحديات ، بالاضافه لمشاهد
العنف الدموية غير المناسبة و ايضاً المقاطع المبتذله ، يقول احد الخبراء
التربويون ان مثل تلك المشاهد تسبب
اضراراً يستحيل اصلاحها و علاجها فهي تشكل نموذجاً سيئاً بالنسبة للأبناء الذين
يشاهدونها .
كما لوحظ في الفتره الاخيرة ارتفاع
نسبة الجرائم الالكترونية من ابتزاز او احتيال من قبل بعض القراصنه .
من ناحية نفسية تسبب هذه الوسائل
حاله من الانعزال و التوحد ، ضعف الخيال ، حاله من الخوف و الهلع الناتج عن مشاهدة
مقاطع مرعبه ، بروز ظاهرة العنف و التنمر خصوصاً مع الاخوة و الزملاء في المدرسة
لكثرة مشاهد العنف ، فقدان الشخصية الذاتية من خلال الولع بالشخصيات الخيالية و
محاولة تقليدها . تقلص من قدراتهم الانتاجية و قد تصل بهم الحاله لمرحله من
الادمان الفعلي ، كما ان مشاهدة الفيديوات العنيفه له تداعيات كبيرة على النمو
الاجتماعي و العاطفي و طريقة بنائهم للعلاقات مع الآخرين و شعورهم تجاه انفسهم ،
بالإضافه الى التأثر بالسياسات المتطرفة و خطابات الكراهية و نظريات المؤامرة و خاصة خلال فترة المراهقة .
في دراسة غطت النصف الاول من عام
2018 كشفت ان موقع اليوتيوب ، و تطبيقات ( انستغرام ، سناب شات ) هي اكثر المنصات
شعبية لدى المراهقين ، لماذا المراهقين بالذات ، لان الابناء في هذه المرحلة يمرون
بمرحلة نضج فكري و نفسي و حركي و جسمي و بالتالي هم يتمسكون بأي حبل او اي خيط
يهدف للأستقرار في حياتهم المهنية و الاجتماعية و التعليمية ، و في غياب الحياة
المهنية تلجأ هذه الفئة الى نشر فيديوات و انشاء قناوات لإثبات الذات او لإرواء
الفضول ، بالاضافة الى التقليد و تجريب عدة اشياء في وقت و احد .
كيف نقلل من تلك الاثار السلبية لمنصات التواصل الاجتماعي
لا توجد طريقه معينه لتخفف من سحر
تلك المنصات في اعين ابنائنا لكن لابد من المحاوله ، و تالياً طرق لتقليل من الاثر
السلبي على سبيل المثال لا الحصر :
ـ الرقابة الاسرية من قبل الوالدين
للمحتوى الذي يشاهده الابناء ،و ان يبقى مرافق لهم من احد افراد الاسره البالغين
لان اي سلوك يراه الابناء سيحاكونه و بالتالي لا بد من وجود من يصحح لهم اية
معلومة خاطئة او غير مناسبة لثقافتنا ، بالاضافة الى الانتباه الى نوع المحتوى
المشاهد و التأكد من انه مناسب لهم اخلاقياً و ذو فائدة تعود عليهم .
ـ ملء اوقات الفراغ باللعب في الهواء
الطلق هذا يزيد من ثقة الابناء بأنفسهم و تحسن الصحة الجسدية و النفسية ، و
الاختلاط مع الاخرين لتطوير المهارات الاجتماعية ، وذلك لان الادمان على هذه
المنصات ناتج عن فراغ روحي و اجتماعي .
ـ اشراك الابناء في برامج تمكين
تعليمية و تربوية و خاصةً في اوقات العطل الصيفية ، لتعزيز قدراتهم و استغلالها
بشكل صحيح كالنوادي الصيفيه بمختلف نشاطاتها ( دينية ،تعليمية ، ترفيهية ، تطوعية
).
ـ في حال طلب احد الابناء انشاء
قناة على احدى المنصات او حتى تحميل فيديوات عليها لا ترفضوا ذلك لان كل ممنوع مرغوب ، لذلك لابد
من الاخذ بعين الاعتبار الثقافة و القيم التي ينتمي اليها بعين الاعتبار و
الاعتزاز بها و عدم محاوله تقليد ثقافات اخرى مخالفه اخلاقياً ، و إنماء فكرة
الاضافه المعرفية بدلاً من الاستغلال المادي .
في الختام يبقى لكل من الوالدين
تقدير الموقف المناسب و تقرير الأصح لأبنائهم في وقت اصبحت الحياة تزداد تعقيداً
يوماً بعد يوم .
اعداد : ايمان هاني
المراجع :
دراسات و ابحاث