أخر الاخبار

التفكير المثالي

التفكير المثالي


واحد من أكثر أخطاء التفكير (التشويهات المعرفية) انتشاراً، يحمل صاحبه فكرة أن كل شيء يجب أن يكون كاملا مثاليا 100%، لذا فهو يُقيّم نفسه وغيره وأدائه في الحياة على معيار عال جداً لا يمكنه الوصول إليه معظم الأوقات، وهذا ما يسبب له القلق والإحباط والضغط بشكل متكرر. 

التفكير المثالي



صاحب التفكير الكمالي


 لا يمكنه تسليم أي مهمة أو ملف دون أن يكون تاماً! وهو ما يجعله كطالب أو موظف مميزاً جداً إلا أنه يتأخر في تسليم ما يُطلب منه، فالفاصلة والنقطة والزاوية والتنسيق مهمة في نظره كالمشروع نفسه! ويمكن أن يسهر ليلة كاملة لإعادة التحقق وتجويد عمله ..

أما السيدات والأمهات..


 فيظهر التفكير الكمالي لديهن في أناقة ملابسهن وبيوتهن وأبنائهن، فمن غير المقبول لديهن أن يطلب زوجهن منهن شيئا ولا ينجزنه على أفضل مما طلب، أو أن يتراكم الغبار على الطاولة (وهو ما يختلف عن وسواس النظافة)، أو أن يفشل أحد الأبناء في مادة ما لأنه لم يدرس جيداً، أو أن تلبس ملابس غير متناسقة أو مكوية، هي سيدة معطاءة الى أبعد الحدود لكنها متعبة ومرهقة بسبب كماليتها المفرطة.

ومع أن الشخص الكمالي يسعى للنجاح 


، إلا أنه في الحقيقة يركز على تجنب الفشل وليس النجاح في تصرفاته، فيضع شروط صعبة للأداء الجيد، فالكمال فعلياً هو شيء مستحيل الوصول في الواقع، ويؤدي الى التسويف!

يُفسر صاحب التفكير المثالي


 الأخطاء أو المشاكل التي يواجهها بنقص منه، فهو يعتقد أنه قادر على التحكم والسيطرة بمجريات حياته، وأي خلل في حياته يعود الى أنه لم يبذل الجهد الكافي أو لم يركز أو لم يعطي الوقت المناسب.. ودائما ما يسعى لتصحيح أخطائه بنفسه دون اللجوء أو طلب المساعدة (وهنا المشكلة)!

ترتبط الكمالية


 بالعديد من الاضطرابات النفسية كالوسواس القهري والاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل وغيرها، فعلى الرغم من اعتقاد الشخص الكمالي أنه يعيش الحياة بطريقة صحيحة، ومدحه لنفسه كشخص مخلص ومنجز، إلا أنه يُعرض نفسه للضغط النفسي باستمرار، فلا يوجد شخص قادر على التحكم بكل مناحي حياته بشكل كامل .

ويتعرض الأشخاص المحيطين


 بالشخص المثالي او الكمالي من أزواج أو أبناء أو أصدقاء أو زملاء للضغط والتوتر بسبب تصرفاته ومتطلباته، فهو في أغلب الأحيان يطلب ممن حوله أن يكونوا كمالين مثله في الأداء وانهم فاشلون، ويحمل توقعات عالية عن العلاقات والحب والرعاية والتربية والنظام والالتزام وغيرها، مما يجعل المحيطين به عرضة للنقد المستمر، وهو ما نراه بشكل متكرر بين الازواج؛ حيث ترى الزوجة شريكها مستحيل الإرضاء وهو في الحقيقة لديه نمط التفكير المثالي.

ويمكن أن يكتسب الأبناء التفكير المثالي


من والديهم، فيصبحون كماليون أيضا لا يتحملون النقد أو الخطأ مما ينعكس سلباً على نموهم العاطفي والاجتماعي خلال الطفولة والمراهقة، فيقل رضاهم عن أنفسهم وعن علاقاتهم الشخصية، وحتى في الجانب الأكاديمي قد يعتقد معلمو الأبناء أنهم موهوبين ومتميزين ولكنهم في الحقيقة مرهقين من عدد الساعات التي يقضونها لإنجاز واجباتهم المدرسية!! وهو ما تعززه بعض المؤسسات التعليمية في نظام العلامات والتفوق الأكاديمي، وحتى في النشاطات اللامنهجية التي تركز على الأداء الأفضل والرسمة الأفضل والشعر الأفضل دون سعي حقيقي لتنمية مهارات ومواهب الطفل أو الأطفال الأضعف، والأسوأ من ذلك التغاضي عن قيام الأهالي بإنجاز المشاريع والمهام المدرسية بدلا من الطالب بحجة أن يكون المشروع جميلا ومثالياً، وهنا يقع الأهل والمعلمون في مطب تعزيز التفكير الكمالي لدى الأطفال والمراهقين.

وتشير الدراسات

 الى انتشار التفكير الكمالي في السنوات الأخيرة، وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي احدى العوامل الهامة في ذلك، فالكمال الموزع هنا وهناك على الانترنت من صور وفيديوهات وانجازات وهمية وأجسام مثالية وعلاقات وحياة زوجية مثالية لا تمت للواقع بصلة!!

هل تعرف شخصاً كمالياً؟؟!!!!

د.شيماء_عويضة

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-