عنف غير محسوس-العنف الأسري
يقترن مصطلح العنف تلقائياً بالفعل المادي الذي يتم ارتكابه ضد احد افراد
الأسرة كالإيذاء الجسدي ،القتل ، الأعتداءات الجنسية و يكون ملموس النتائج و واضح
على الضحية لكن هناك نوع اشد ضرراً من
النوع التقليدي الشائع الا و هو العنف غير المحسوس
.
عنف غير محسوس
هو عنف لا نجد له آثار في بادئ الأمر على هيئة الضحية لأنه لا يترك أثراً و
اضحاً على الجسد و إنما تكون آثاره في النفس ، هذا النوع من العنف يتم ارتكابه من
قبل افراد آخرين في الاسرة دون ارتباطه بمفهوم القوة و قد يكون الطرف الأقوى ضحية
له و غالبية الضحايا هم من فئة الاطفال و النساء و كبار السن
.
انواع العنف غير المحسوس
تتعدد انواع العنف الأسري غير المحسوس نذكر منها ما يلي :
1ـ إساءة المعاملة النفسية
هي كل فعل او قول او سلوك يمكن عدّه بواسطة المعايير الأجتماعية و الخبراء
و علماء النفس يلحق ضرراً نفسياً بالآخرين من افراد الأسرة ، و تتعدد انواع
المعاملة النفسية السيئة التي تحدث داخل الأسرة منها :
ـ الرفض : إعطاء الشخص انطباعاً يدل على الرفض سواء اكان هذا الانطباع
ظاهراً او ضمنياً من قبل الأسرة الاب ، الزوج و غيرهم من افراد الأسرة .
ـ الإحتقار : التقليل من مكانة الشخص و اهميتة في الأسرة ، و مواصلة عدم
توجيه اي انتباه لأي عمل او مشاركة منه داخل الأسرة و مخاطبته بكل احتقار .
ـ التجاهل : تجاهل الشخص و تهميشه ، و تسفيه رأيه ،و اظهار عدم الرغبة في
مشاركته في اي من شؤون الأسرة .
ـ الترويع و الرهاب : محاولة جعل
احد افراد الأسرة في قلق مستمر كالتهديد بكل ما يخيف الاطفال ، التهديد بهجر
الزوجة او خلافها ، استخدام الفاظ تحمل في معانيها احتمالية اللجوء الى الضرب او
القتل ، طرد احد افراد الأسرة من المنزل و هذا النوع من العنف يمارس ضد الذكور .
ـ العزلة : عدم السماح لأحد افراد الأسرة بممارسة حياته الأجتماعية بشكل
طبيعي ، هذا النوع من العنف يمارس ضد النساء و الفتيات كعدم السماح بالعمل ، او
الخروج من المنزل ، او استضافة الصديقات و الأهل و الأقارب .
ـ عدم الأهتمام بالتربية او افساد التنشئة الأجتماعية : يتعلق هذا الأمر
بالأطفال بشكل خاص فهم امانه لدى الكبار ،فإذا خذلوهم في اهم عنصر من عناصر الحياة
فبلا شك سوف يؤثر هذا على حياتهم الاجتماعية و النفسية .
ـ الاستغلال : يمثل اذى نفسياً بالغاً عندما يحس الشخص في الأسرة انه تمارس
عليه ضغوط من اجل القيام بعمل الآخرين او تنفيذ رغباتهم .
ـ الجمود العاطفي : الإحساس بالحب و العطف و الحنان من الحاجات الأساسية
التي نحتاجها جميعاً ، و ان جمود هذه العواطف و عدم الشعور بها يترك اعضاء الأسرة
في حاله من الالم النفسي و إساءة المعاملة من قبل الافراد الاخرين .
ـ الإكراه على الزواج و الزواج المبكر :اكراه الفتاه على الزواج او تزويجها
و هي لا تزال في عمر الطفولة يسبب لها اذى نفسياً و جسمياً و عاطفياً .
2ـ إساءة المعاملة العاطفية
هي اي سلوك بقصد او دون قصد يؤدي الى تدمير عواطف شخص آخر في الأسرة ، او
الى عرقلة نموه العاطفي و بالشكل السليم و يكون صادراً من احد افراد الأسرة ، من
اعراض هذه الإساءة :
ـ اعراض بدنية : ارتباك وعدم الانتظام في الحديث ،تأخر عملية النمو بشكل
غير طبيعي ، استخدام الخمور و المخدات ، اللجوء الى تعاطي العقاقير .
ـ اعراض سلوكية : اللزمات السلوكية مثل مص الأصابع ، العض ، النزعة غير الاجتماعية
، دلالات عصبية مثل اضطراب النوم ، الكوابيس المزعجة ، السلبية الشديدة في المواقف
العادية و تحدث هذه الاضطرابات بكثره خلال فترة المراهقة .
تختلف هذه الاعراض طبقاً لمجموعة من العوامل في مقدمتها العمر ، و الجنس ،
و نوع القرابه من المتسبب و درجة الثقة فيه .
3ـ إساءة المعاملة اللفظية
تعد اساءة المعاملة اللفظية للآخرين من افراد الاسرة احد الانواع الدارجة
للعنف و اساءة المعاملة الاسرية ، و رغم انها لا تترك ندوباً او حروقاً او كدمات
واضحة على الوجه ، الا انها تترك أثراً بالغاً يفوق جميع هذه الآثار ، حيث يشوه
نظرة الفرد الى نفسه و اعتزازه بذاته ، و تؤثر على شخصية الفرد و تفاعله داخل
الأسرة الى حد كبير .
4 ـ الإهمال الاسري
اهمال الحاجات الأساسية لأفراد الأسرة او امور اخرى اقل خطورة ، و قد يكون
اهمالاً و تقصيراً متعمداً او غير مقصود و يتفرع منه الإهمال البدني ، العاطفي ،
النفسي و الصحي و تعد فئة الاطفال اكثر الفئات المتضرره منه نظراً لكونهم العنصر
الاضعف في الاسرة و ليس بمقدورهم الاعتماد على انفسهم .
اسباب العنف غير المحسوس
العنف الاسري غير المحسوس او إساءة
المعاملة لا يمكن تفسيرها من خلال سبب واحد ، بل قد يكون هناك اكثر من سبب متداخل
و لها تأثيرات متبادله و من هذه الاسباب ، اسباب فسيولوجية ( اسباب وظيفية في جسم
الانسان ) ،المرض النفسي و الاضطرابات الشخصية اسباب ثقافية ، حيث ان الكثير من
الثقافات تتقبل العنف بل و حتى تشجع عليه و تمجده بشكل عام بإستخدام تعبيرات و
مصطلحات تحمل في معانيها التشجيع على
العنف، نقص الوعي الديني بالتعليمات الإسلامية ، اختلال البناء الاسري و انعدام
التوجيه السليم ،التفرقه المبنيه على الجنس مثل تفضيل الذكور على الإناث، تسامح
الأسرة مع العنف ـ و خاصة في الثقافة القبلية ـ التي تكون متسامحة مع العنف ضد
النساء و الاطفال ، الفقر و البطالة ، التحيز الاجتماعي و التفرقة العنصرية
السائدة في المجتمع ، كون الشخص ضحية للعنف عندما كان صغيراً .
استراتيجيات الوقاية
تتعدد استراتيجيات الوقاية من العنف بكل انواعه منها ما هو على المستوى
الفردي ، الاسري ، و المجتمعي سنتطرق هنا للحديث عن التدخل على المستوى الفردي و
الذي يتضمن الأساليب التالية :
1ـ العمل على الفهم و التطبيق الصحيح للشريعة الاسلامية في التعامل مع
افراد الاسرة ، حيث تزخر مصادر التشريع الاسلامي بالكثير من النصوص التي تحث على
التعامل الكريم بين افراد الاسرة ، حيث ان القصور يكمن في عدم الفهم الصحيح .
2ـ اساليب التدخل المهني للتعامل مع العنف الاسري و تتضمن :
ـ التدخل الوجداني : الكثير من الناس لديهم شعور قاطع ان هناك شيئاً خطأ في
حياتهم و لكنهم غير قادرين على تحديد هذا الشيء او مناقشته ،هذا التدخل التدخل
يساعد مرتكبين العنف على شرح المشاعر التي لديهم و التعبير عنها من اجل مساعدتهم
لتغلب عليها .
ـ التدخل المعرفي : مساعدة الفرد على تبني سلوك جديد عن طريق تغيير بعض
الأفكار التي يتبناها او تصحيحها
ـ التدخل السلوكي : التوجه نحو السلوك الذي يصدر من الفرد و مناقشته و
تحليله من اجل توضيح الاخطاء ، تمهيداً لعدم تكرارها او تفاديها .
3ـ معرفة الحدود الشخصية للآخرين و ضرورة احترامها ، هذا يقلل من الصراع
المستمر و التجاوزات المتبادلة بين الافراد .
4ـ كيفية التعامل مع الإحباط ، يجب ان نعلم انفسنا و بقية افراد
اسسرنا كيفية التعامل مع الإحباط و ذلك عن
طريق تنمية السمات الانفعالية التي تمكننا من مواجهة الصراعات و المشكلات ، مثل
ترسيخ قوة العزيمه و الصبر و التفاؤل و الثقة بالنفس مع ضرورة تقوية الثوابت
الدينية ، اشباع الاحتياجات العاطفية لدى الاطفال بشكل متوازن و تنمية التفكير
العلمي لدى النشئ .
في الختام ننوه الى ان الأثر غير المباشر للعنف قد يتجاوز الحدود الأسرية
لتؤثر على افراد آخرين خارج الاسرة في المحيط الاجتماعي و بالتالي يؤثر على
المجتمع بأكمله لذلك يجب الحذر من هذا الموضوع .
إعداد : ايمان هاني
المراجع :
العنف الاسري خلال مراحل الحياه / د.جبرين علي
دراسات حول العنف الأسري و اثره على افراد الاسره