التنفيس والتفريغ الانفعالي
يشار عادة لمصطلح التنفيس على أنه التعبير المفتوح عن الأفكاروالأسرار الداخلية، حيث يسهم التنفيس في التخفيف من مشاعر الذنب والقلق من خلال الاعتراف، ومن ثم يعد التنفيس الجماعة بمعلومات هامة عن أفكار وأخيلة ومشكلات المريض، كما أنه يستثير في الآخرين تداعيات قد تنتقل إلى دائرة الوعي من مواد لا شعورية مكبوتة.
التنفيس والتفريغ الانفعالي
- ومن ثم يطلق على التنفيس Catharsis اسم تطهير المدخنة حيث ذكر
ارسطو في سياق تعريفه للمأساة: أن المحاكاة للفعل
المأسوي تثير عاطفتي
الخوف والشفقة مما يؤدي إلى التطهير من هذين الانفعالين
ولقد اختلف النقاد طويلا حول كيفية حدوثه، ومن بين
تفسيراتهم
۱) التفسير المقارن: هاجم أفلاطون المسرحية المأسوية
بدعوى أنها تشير
في النفس عاطفتي الخوف والشفقة، وهذه الإثارة في رأيه
تجعل صاحب
العواطف المستشارة ضعيفا من الناحية الانفعالية
۲) ولقد رد ارسطو، على أستاذه بما معناه: أن إثارة هاتين
العاطفتين
في نفسية المشاهد المتفرج) تخلصه منهما، ومن ثم يحدث
التطهير الذي يجعل الشخص أكثر كفاءة وفعالية من حيث الصحة النفسية وأقوى من
الناحية الانفعالية
أما التفريغ الانفعالي فما هو إلا التعبير عن المشاعر والوجدانيات
المرتبطة بالأفكار والأسرار المنفس عنها، وثمة ميكانيزم
هو العدوي الانفعالية يعمل بصورة مشابهة أي أن التعبير الانفعالي من قبل عضو قد
يستثير الوعي بحالة الفعالية مشابهة لدى الآخر.
وينشأ لدى كل جماعة خليط مميز لها من عمليات التنفيس والتفريغ
طبقاً لتركيب الجماعة وطراز القيادة والإطار النظري
قديما قال ارسطو أنن التراجيديا بإثارتها للشفقة والرعب
في نفس
المشاهد تطهره من أهواءه وانفعالاته.
إن المأساة تكتشف بالتدريج العقد النفسية الموجودة في
الأسطورة، مثلها في ذلك المثل العلاج بالتحليل النفسي.
مثلها في ذلك مثل العلاج بالتحليل النفسي.
إنها تقدم لنا مرآة
صارمة تدعونا بدون أية رحمة إلى مراجعة أنفسنا وفحص ضميرنا دون غش أو مجاملة وكما
أن للمأساة تأثيرها في تحطيم بعض القيود التي تقهر حريتنا، وفي تطهير أنفسنا من
أهوائها وانفعالاتها المؤلمة، فالتحليل النفسي هو أيضا يرمي إلى تحريرنا وتطهيرنا
من الخداع الذاتي، ومن مخاتلات الشعور، وذلك بطرد الأشباح وخفض عدد الشخصيات
الباطلة الزائفة التي تتطاحن في المأساة الداخلية غير أن نظرية أرسطو في التطهير
تتجاوز حدود القيم الأخلاقية والتربوية لتضع لنا أسس علم الجمال كما سيقدمه لنا
فيما بعد الفيلسوف «كانط-
أرسطوا أراد أن
يوضح لنا طبيعة العاطفة الجمالية التي تتصف بالموضوعية والتنزه عن المأساة، فيصل
الإنسان إلى نوع من المعرفة الصوفية التي يبزغ ضياؤها بفعل نوع من الحماس والتجلي
أثناء القيام ببعض الطقوس الدينية.
او على ذلك يمكن تفسير نظرية التطهير لدى أرسطو على مستويين:
مستوى
أخلاقي وتربوي، ثم مستوی معرفی جمالي
والمحرك
الأكبر لأحداث المأساة هو شعور الإنسان بالإثم والخطيئة، أو ما يسميه التحليل
النفسي بعقدة الإدانة، ويقول «كيتو، أستاذ الأدب اليوناني:
أليس
جوهر المأساة في أن يؤدي خطأ طبيعي يقع فيه المرء ل عذاب شامل لا يتناسب البتة مع
السبب، وأن هذا العذاب الفائق ليس نتيجة أمر عرضي عابر، بل نتيجة طبيعة الحياة
الإنسانية وتركيبها الصميم؟ جوهر المأساة يكمن إذا في هذا التفاوت الرهيب بين ذنب
مجهور وعقاب صارم. إن الإنسان ممزق بين
السعادة
التي أصبحت وهما بعيدا، والبؤس الذي يطارده ويحوم حوله. إن حياته أصبحت رهانا
يائسا بين الوجود والعدم، بين الحب والكبرياء، بين قيمة الحياة وعبثها، بين
المعقول واللامعقول. إن صرخة الإنسانية خلال معظم روائع الفن والأدب هي في نهاية
الأمر صرخة الفشل والخوف.
إذا
هل معنى هذا أن الأثر التطهيري الذي نعزوه للعمل الفني بوجه
عام
والمشاهدة الأعمال المسرحية المأسوية بوجه خاص أثر سطحي عابر.؟
كذلك
إذا ظل في مستوى الانفعال، في مستوى الضحك أو البكاء، في مستوى الصراخ والتشنج،
دون أن يرتفع إلى مستوى الفكر والمعرفة والشفاء. إن تطهير الشهوات يعني تحرير
الإنسان مما يعوق صعوده إلى أعلى، مما يمنعه من أن يختبر بنفسه وبشدة على الاختيار
وقدرته على تحمل المسئولية إزاء ما يختاره،
ومن
ثم فالصياغة الفنية تحول الغموض إلى نظام، وبالتالي تسمح بإدراك هذا النظام
وتذوقه، وبالإدراك نصل إلى المعرفة ومنها إلى التبصر والاستبصار، وعندئذ تتلاشى
الأشباح المخيفة ويعود الأمن والاطمئنان إلى النفس.
المرجع"السيكودراما
د. محمد احمد خطاب
مكتبة الأنجلو المصرية
9789770532263
2018