أخر الاخبار

سيكولوجيا التهميش


سيكولوجيا التهميش





سيكولوجيا التهميش


   تعتبر النفس البشرية بوتقة غريبة المعالم ، هي أشبه بدهاليز عميقة لا يمكن ولوجوها دون حمل أجهزة انارة معرفية لوضع خطى صحيحة في دهاليزها المظلمة ، يعد سلوك الانكار أحد أهم السلوكيات النفسية العميقة التي  يختارها الشخص  كوسيلة لتجنب الحقيقة غير المريحة من الناحية النفسية.
   و بما أن الإنسان كائن معقد ، لهذا فسلوكه على درجة عالية من التعقيد، تؤثر في تشكيله وصياغته عوامل عديدة يصعب حصرها، ولعلّ تداخل هذه العوامل بتأثيراتها المتبادلة لا تتيح مجالا لوضع قوانين عامة تحكم هذا السلوك.

"التهميش _الاقصاء _الانكار"
مصطلحات تصب في ذات السياق مخلفة آثارا نفسية ذات منفعة جزئية لصاحبها و ذات ألم نفسي لمن يتعرض لها ، انه الموت البطيء.
   ربما يكون لجوء العقل البشري إلى «حالة الإنكار»، من أقوى الحيل الدفاعية البشرية لإعادة الاتزان للنفس والحفاظ على صورة الذات أو الآخر في المخيلة على النحو الإيجابي الذي يرغب فيه الفرد.

ماذا يفعل التهميش...؟


 يقول أنوبكومار: «إن آثار الإقصاء كبيرة، إذ يعاني المهمشون من أزمة هوية (إذ يُنظر إليهم غالباً على أنهم «أشخاص سيئون») وربما يؤدي هذا إلى إثارة قتال أو جرائم اجتماعية».
التهميش هو الطريق لتعفن إنسانيتنا ورحمتنا تجاه الآخرين ، فهو أداة لنكرهم وسلب حقوقهم والاعتداء عليهم ، فبدلا من أن نعيش معا تحت سقف واحد نجد ان التهميش يزيل الآخر ويحاول أن يقلع جذوره ويقطع انفاسه من هذه الحياة الفارغة .
ويأخذ التهميش كما يشير إليه عالم النفس Hilary Silver,1994 وYoung,2000 أشكال متنوعة وصور مختلفة
1. فقد يأخذ التهميش صورة فردية أو جماعية :
فأحيانا نحن نهمش الاشخاص الذين تختلف مصالحهم معنا ، فنحاول حرمانهم وعزلهم ومعاقبتهم حتى يخضعوا لنا ولسلطتنا أو نشبع حاجتنا على حسابهم وحقوقهم في حين قد يصل التهميش على مستوى العلاقة بين الجماعات فتحاول كل جماعة ان تهمش الجماعة الأخرى وتسلب حقوقها وأن تعيش على حسابها وتحرمها من التمتع بإنسانيتها وخير مثال ما طرحناه سابقا من أمثلة .
2. قد يظهر التهميش على أشكال نفسية واجتماعية مختلفة ، ومنها :
_ التهميش البيولوجي: ويتمثل في حرمان الفرد او الجماعة المهمشة من الطعام والشرب والتحكم فيه .
_التهميش الانفعالي: ويتمثل في حرمان الفرد او الجماعة المهمشة من الامان والحب والاحترام والتقدير.
_التهميش الاجتماعي: ويتمثل في عزل الفرد او الجماعة المهمشة ومنعها اقامة العلاقات مع الاخرين. _التهميش المعرفي: ويتمثل في منع الفرد او الجماعة المهمشة من الحصول على المعرفة والمعلومات التي تحتاجها كي تطور من امكانياتها وقدراتها.
إن من أصعب الدراسات في علم النفس وربما الاجتماع أيضاً أو بعبارة أخرى العلوم الإنسانية والاجتماعية.. دراسة الإنسان.
وحسب الدكتور علي سالم_ أستاذ جامعي وباحث وأكاديمي مصري متخصص في علم النفس السياسي_في تدوينته المعنونة: |سيكولوجية الإقصاء والتهميش في عالمنا المعاصر الذي أشار فيها أن مفهوم التهميش أو الاقصاء أو ما يميل الى إنكار الآخر هو مصطلح حديث لا يوجد له حسب علمنا دراسات كثيفة حوله حيث قال :
  "إن التهميش كمفهوم، ربما يكون جديدًا على قاموسنا الثقافي، وهذا لا يعني أن ميدان الدراسات النفسية والاجتماعية لم يلتفت إليه بكونه ظاهرة جديرة بالاهتمام، لكننا لا نملك حتى هذه الساعة أية محاولة لتأطير هذه الظاهرة ودراسة أبعادها أو مراقبة آثارها السلبية في بنية المجتمع، لأننا لا نملك بالأساس أية وحدة متخصصة في هذا الميدان."
في خضم كل ذلك يدفعنا البحث عن معنى للتهميش و الاقصاء سيكولوجيا وجد أن الإغتراب النفسي يعد نوعا من الأعراض الناتجة عن التهميش النفسي .
و هنا نجد في تعريف أستوكلز للاغتراب: " أن الاغتراب ينشأ من خبرات الفرد التي يمر بها مع نفسه ومع الاخرين،ولاتتصف بالتواصل والرضا ويصاحبها كثير من الاعراض مثل العزلة والاحساس بالتردد والرفض والانسحاب والخضوع"
 و ينتج  ذلك بفعل صدمة الاقصاء المتواصلة التي يتعرض لها الفرد والجماعة.

و من ملامح ابعادها وانعكاساتها نجد مايلي :

_فقدان الشعور بالانتماء لفقدان الروابط النفسية مع المجتمع المحيط به.
_عدم القدرة على التكيف مع المعايير لانها معايير ازدواجية.
_العجز وعدم القدرة على الوصول للنتائج التي يسعى اليها الفرد،نتيجة لغياب الاطر النفسية المواتية للدائرة الاجتماعية المحيطة والتي تعتبر مصدرا لاغنى عنه في الوصول الى النتائج.
_عدم الاحساس بالقيمة حيث ان قيمة الفرد لايمكن الاحساس بها ذاتيا الا من خلال انعكاسات البعد الاجتماعي في صيرورتها.
_فقدان الهدف،أي عدم وضوح الاهداف لدى الفرد وعدم مقدرته على وضع اهداف لنفسه وعدم معرفته بالغاية من وجوده.
_فقدان المعنى وعدم قدرة على فهم الجوانب المتصلة به،فلا يدرك معنى لحياته او وجوده ولايحد ما يعيش من أجله.
_فقدان الامن النفسي والاجتماعي،حيث يشعر الفرد ان الامن العام ليست مكرسا لحمايته،بل للاطاحة به،وبالتالي يضع الامن الفسي للفرد عرضة لأنتكاسات مزمنة،قد تتضح اعراض ذلك في مختلف الاضطرابات النفسيه العصابية ( كالقلق،الضعف العصبي،الهستيريا،الخواف، توهم المرض،الوسواس القهري،الاكتئاب،والتفكك وغيرها) و قد تبدو في صورة ذهانيات خطره( كالفصام،والهذاءات(البارانويا)،والهوس او ذهانيات الهوس والاكتئاب وغيرها).

   لهذا و تكريسا لمفاهيم قيمية نفسية تخلق مجتمعا مترابط المعالم لابد من التعزيز النفسي لمعنى الاحتواء ، احتواء الآخر و تفهمه و التعاطف مع المفاهيم و تكريس الأمن النفسي فكل ما هو مطلوب منا الأخذ بيد من هو أقل منا وإحتوائه ورفعه لمستوانا لا إسقاطه.

_اعداد: المختصة النفسية جويرية بريطل.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-