أخر الاخبار

الرضا النفسي

الرضا النفسي
الرضا النفسي




الرضا والاطمئنان النفسي





يعد الاحساس بالرضا مطلباً من المطالب المهمه التي يسعى إليها الانسان و يهدف الى تحقيقها ، و يعتبر هذا الاحساس من وجهة نظر العاملين في مضمار الصحة النفسيه ملمحاً من ملامح الشخصية السوية ، حيث يشعر الفرد بإنعكاس هذا الشعور على سلوكياته و تصرفاته ، بعض الافراد يرتكز لديهم شعور الرضا على مدى اشباع الحاجات الماديه و البعض الاخر من إراده واعيه نابعه من ذاته تحدد ما يريد و ترفض ما لا يقتنع به ، و لتوضيح العلاقه اكثر بين الرضا و الاطمئنان النفسي لابد من طرح المنحنيات التالية :
الرضا مقابل الاستياء
كلما ارضى الفرد حاجاته سواء كانت حاجات عضوية ام نفسية ، فإنه يشعر برضا و اتزان بين مطالب الجسم و مطالب النفس و ما يصاحبهما من سعاده تتجلى في زيادة حيوية الانسان و نمو قدراته و تطلعه المستمر في طلب المزيد من ذلك الذي اعاد اليه الراحه و السعاده و الطمأنينه ، و لكن الحرص على الاتزان من خلال اشباع الحاجات سواء كانت عضوية او نفسية قد يتلاشى وفق ما يتعرض الفرد من عقبات تحد من اشباع رغباته او تقلل منها بل و قد تمنعها ،لذلك الرضا و الاستياء طرفان متضامنان، قد يبدو للمتأمل ان ظاهرهما ضدان متقابلان فالفرد في سعيه نحو ما يريد ان يشبعه ، تستهويه طموحاته الى العلا كما تستهويه نفسه للخوض في الاعماق و يفتش دائماً عن عوامل تعبه بقدر ما يحاول ان يلتمس جوانب راحته.
كل انسان يتمنى ان يكون راضياً مرضياً لكن ليس ما يتمناه المرء يدركه ، فلا يلبث ان يكون شعور الاستياء من بين ما يصادفه من انفعالات و يتطور هذا الشعور من خلال :

  1. 1ـ مواقف العجز التي يمر بها الفرد ، حيث يجد نفسه لا يقوى على فعل اي شيء او لايستطيع ان يحكّم  ارادته في تقبل المواقف الضاغطة ، او ان مستقبله و ما يتعلق به من آمال و تطلعات اصبح في يد خفيه .
  2. 2ـ انعدام شعور الانسان بالحرية .
  3. 3ـ التحول الى آله صماء ، حيث لا يقوى الفرد على التفاعل السليم و الاخذ و العطاء المبني على الاريحية و الفهم و الوعي بقيمة الانسان الاخر .
  4. 4ـ عدم وضوح شبكة العلاقات الاجتماعية ، فما يراه صادقاً و مقنعاً يتحول في بعض المواقف الى كذب و نفاق .
  5. 5ـ فقدان الاحساس بالحياه و رفض الاقبال عليها بوجه عام ، فيبدو الفرد مهموماً و ينعكس ذلك على تصرفاته فتصبح تجمعات سلوكيه غريبه الاطوار و مثيره في انعكاس افعالها على الاخرين ، في حين ان الفرد لا يشعر بأنه يؤذي الاخر او ينال منه .

و من اجل التخلص من هذا الاستياء لا بد من الاشاره الى هذه الاقتراحات :


  1. 1ـ اعطاء الفرد الفرصه لكي يطلق القوى الحبيسه في ذاته سواء كانت عضوية او نفسية ، لكي تتوحد هذه القوى فيصبح قوله مواكباً لفعله و وجدانه ، موازياً لفكره و احساسه و معبراً عن انسانيته .
2ـ العمل على مساعدة الفرد لتحقيق رسالته ، تلك التي تعتمد على دعوة يقدمها للحياه بموده و تفاعل من خلال المشاركه الفعاله ،و التفاعل السليم الذي يمكنه من تأكيد ذاته و الإحساس بقيمته .
3ـ الابتعاد عن الخصال غير الحميده التي محصلتها الكراهيه و الحقد و الحسد ، التي تنعكس على النفس بشعور التشتت و التوتر و الضياع و اليأس.
4ـ على الانسان ان يهذب سلوكياته و يدافع عن قيمه و اخلاقه .
هذا هو الشعور الجديد للفرد الذي يريد لنفسه ان يكون راضياً بعيداً عن الإحساس بالإستياء ، الذي عمل على انتشاره عوامل كثيره صنعها الانسان بنفسه في غفله عن المبادئ الاخلاقيه و تحت نشوة التعلق بالماديات .
البهجه مقابل الكآبه
اذا كان الضحك علامه من العلامات المعبره عن البهجه ، فإن هناك بعض الجوانب الحضاريه قد عملت عملها في الضحك فأصبح له من الدلالات الاجتماعية و المعاني العقليه  ما جعله يفقد رونقه الطبيعي ، لاننا بفعل الجوانب الحضاريه و ما يصاحبها من مراسم و حيثيات قد اصبحنا نضحك للتعبير عن شعورنا بالرفاهيه او الراحه او السعاده ، و بينما شعورنا بالكآبه هو بسبب مجموعه عوامل تضغط على الفرد و تحرمه من بهجة الحياة و حلاوتها نذكر منها :
1ـ انتقال عدوى القدوى السيئه .
2ـ اسلوب النفاق و المجامله ، و الذي يظن البعض ان هذا السلوك يعود عليهم بالمنفعه و يجلب لهم البهجه .
3ـ ظهور الكآبه كملمح من ملامح الانفعال الذي يعبر عن عدم الارتياح ، و انعدام البهجه عند البعض او عندما يشيع سلوك قلة الذوق .
4ـ عدم القدره على الفصل بين الاهداف الشخصية بما فيها من اطماع و جشع ،و العمل الذي يفترض ان نقوم به ابتغاء مرضاة الله تعالى بموضوعيه و امانه بعيداً عن المصلحه الشخصية .
5ـ عدم التفريق بين التفكير النظري و التفكير الفعال ، حيث يكثر الكلام و الوعود الوردية ولا يتحقق شيء منها في واقع التنفيذ ، ولعل هذه المشكله جعلت البعض يعيشون على اجترار هذه التصورات الشكليه و اللفظيه دون النفاذ الى تفاصيل الموضوعات و التخطيط السليم الفعلي المعتمد على اجراءات منهجية في تنفيذها .
6ـ السلوك السلبي من الميل الى الانسحاب و عدم المشاركه الفعاله ، و الاهمال المتعمد و المقصود ، و ذلك لان الفرد يرى ان الذي يعمل بجد هو نفسه الذي لا يقدّر و ان الذي لا يعمل و يستخدم اسلوب التزلف للوصول يرقى و يتقدم .
هذا الشعور من الممكن ان يخفف و تقل حدته عندما تتغير طرائق التفكير لدينا، و نتبنى المنهج السليم الذي يعتمد على الاصول الواضحه و نتخلص من اتجاهات تقديم الالتماسات و الرجاءات ، و ان نبتعد عن اسلوب الازاحه و الاسقاطات الذي كانت نتيجته اهمال المسؤوليه و تبرير الاخطاء ،و ان اداء اي مهمه يتم طمعاً في ثواب او خوفاً من عقاب .
جبر الخاطر مقابل كسر الخاطر
كثيراً ما نسمع دعوة الام لأحد الابناء و هو ذاهب في امر يقضية هذه العباره " الله يجبر بخاطرك "
جبر الخاطر معناه ان الانسان يحتاج في تعامله مع الآخرين الى ضرب من ضروب الوصال الذي يجعله يتعامل و هو آمن مطمئن الى ان هناك قدراً مشتركاً من التفاهم و التفاعل و التعاون ، و من هنا كان لجبر الخاطر دلاله اخلاقية ، اما ما نعنيه بمصطلح كسر الخاطر هو تلك النظره السلبيه الى الغير حيث يتجه الانسان الذي يميل الى كسر خاطر الاخر الى الامتناع عن تقديم المعونه وقت الحاجه اليها ، او عند شعوره السلبي نحو زميله عندما يلتجئ اليه طالباً مكرمه ،و لكنه يتقاعس و يتكاسل مع انه في استطاعته ان يقدمها فوراً ، كثيراً ما نجد هذا الانسان المشوه في عواطفه و القاسي في تصرفه يميل الى الحاق الضرر بالغير اكثر مما يميل الى تاكيد ذاته .
جبر الخواطر عباده و هو خلق اسلامي سليم يدل على سمو النفس و رجاحه العقل و عظمة القلب و هو لايحتاج سوى كلمه او دعاء او موعظه او مساعده او حتى ابتسامه .
و بناءً على ذلك فإن الفرد الذي يتمتع بالرضا و الاطمئنان النفسي لديه قدره على الصمود حيال الازمات و الشدائد و الاحباط دون ان يختل ميزانه و يشوه تفكيره ،و دون ان يلجأ الى اساليب ملتويه غير ملائمه و جميع هذه المؤشرات تدل على التمتع  بالراحه والصحه النفسيه .

المراجع :
الانسان و صحته النفسية / د. سيد صبحي
التكيف النفسي / د. مصطفى فهمي
---------- إعداد: إيمان هاني------

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-