تعد فترة المراهقة من أهم الفترات التي يمر بها الإنسان في حياته الطبيعية، بل يمكن اعتبارها فترة ميلاد جديد، بالإضافة إلى كونها فترة انتقالية حرجة، ينتقل فيها الفرد من الطفولة نحو الرجولة، وقد اختلف الباحثون في تحديد بدايتها ونهايتها بشكل دقيق ويرجع ذلك إلى تنوع طبائع الشعوب وتعدد ثقافتها، واختلاف الفترات الزمنية، وتنوع البيئات المناخية.
حيث أن علم النفس التقليدي قد اعتبرها فترة أزمة وقلق وتوتر واضطراب، إلا أن علم النفس الحديث اعتبرها فترة عادية وطبيعية في مسار نمو الإنسان.
إذن ما المقصود بالمراهقة لغة واصطلاحا؟ وما مراحلها؟ وخصائصها؟ وأهميتها؟ النظريات المفسرة لها؟ وما أهم مشكلاتها؟ وما أهم الحلول لمعالجة مشكلاتها؟ )المنصور، 18:2010).
إذن هذه أهم الأسئلة التي سوف نحاول الإجابة عنها في هذا الفصل.
1- مفهوم المراهقة:
هناك العديد من الآراء المختلفة حول تعريف المراهقة نذكر:
1-1- تعريف المراهقة في علم النفس:
المراهقة هي المرحلة التي تنقل الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد والبلوغ، وتحدث في هذه المرحلة مجموعة من التغيرات الجسدية والنفسية، ويمكن جمل هذه التغيرات بتغيرات جسمانية ونفسية وعقلية واجتماعية، كما إن هذه المرحلة تغير الطفلة إلى امرأة والطفل إلى رجل (المنصور، 2010: 21).
1-2- التعريف الشائع للمراهقة:
تعرف على أنها أصعب مرحلة في حياة الفرد حيث يسودها الإحباط والاكتئاب والصداع والتوتر النفسي الشديد كما يسود فيها الأزمات النفسية وصعوبة التوافق بين المراهق والمحيطين بهم. (المنصور ،2010 :28)
- تعريف هوروكس (Harroks): هي الفترة التي يخرج فيها الإنسان من شرنقة الطفولة إلى العالم الخارجي المحيط به ليبدأ الاندماج فيه والتفاعل معه.
(الزعي ،18:2010)
- تعريف ستالين هول (stanelly hall) : هي الفترة من عمر الإنسان يتصف فيها سلوكه بالحدة، والتوتر الكبير والانفعال العاصف (عبد العزيز وفريد،20:2009).
- تعريف عبد القادر محمد (AEK Mohamed): أنها بدء ظهور مميزات الجنسية وذلك نتيجة لنضج الغدد التناسلية فهي إذن مرحلة النمو المتوسط بين الطفولة والرشد (ﻋﺼﺎﻡ،2009: 20).
تعريف المراهقة لغة واصطلاحا: يمكن تعريف المراهقة لغة واصطلاحا النحو التالي:
- المراهقة في اللغة:
المراهقة كلمة مشتقة من فعل رهق، فمعنى قارب فترة الحلم والبلوغ وقد ندل المراهقة على العظمة والقوة والظلم، وهي مسافة زمنية فاصلة بين عهدين أو بين فترتين (12-18 سنة)، تبدأ المراهقة في قاموس لروس (فرنسا)، من السنة العاشرة عند البنات، وفي السنة الثانية عشر عند الذكور.
(ابن منظور،28:2004)
- المراهقة في الاصطلاح:
تعتبر المراهقة فترة مرور وعبور وانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد والرجولة، فهي مرحلة الاهتمام بالذات والمرأة والجسد على حد سواء ومرحلة اكتشاف الذات والغير والعالم، ومن ثم تتخذ المراهقة أبعاد ثلاثة:
بعدا بيولوجيا(البلوغ)، وبعدا اجتماعيا (الشباب)، وبعدا نفسيا (المراهقة).
(ميجاتيل،1981: 28)
وعليه يمكن تعريف المراهقة في دراستنا بأنها مرحلة المتوسطة بين الطفولة والرشد الذي يسبب كثيرا في القلق والاضطرابات النفسية وتتميز هذه المرحلة بظهور الفروق الفردية بشكل بارز وما نلاحظه كمثال في التحصيل الدراسي .
- التعريف الإجرائي:
هي الفترة الانتقالية من الطفولة إلى الرشد وتتسم بتغيرات على عدة مستويات بداية من جسمه حتى سلوكه، فقد حددناها بالفترة الممتدة من (13- 20 سنة ).
2-مراحل المراهقة:
يمر المراهق في نموه بثلاثة مراحل، اختلف العلماء في تحديد زمنها , لكن الأغلبية تشير إلى أن المرحلة الأولى و هي المراهقة المبكرة تمتد من السن الثانية عشر(12)إلى غاية الخامسة عشر (15) أما المرحلة المتوسطة فتبدأ من سن الخامسة عشر (15) إلى غاية الثامنة عشر (18) والمراهقة المتأخرة تبدأ من الثامنة عشر(18) إلى غاية السن الواحدة و العشرين (21).
2-1- مرحلة المراهقة المبكرة (EarlyAdolescence) ما بين(12-15):
تتزامن مع النمو السريع الذي يصاحب البلوغ وفي هذه المرحلة يهتم المراهق اهتماما كبيرا بمظهر جسمه وليس بمستغرب أن تسمع من المراهق تعليقات تدل على أنه يكره نفسه وفي هذا السن يمثل ضغط الأقران أهم ما يشغل بال المراهق.
(رضا بشير وآخرون،08:2004)
لذا يلجأ المراهق إلى تشبه بأقرانهم وتقليدهم حتى يكون مقبولا منهم، وتتميز هذه المرحلة بجملة من الخصائص من أهمها: الحساسية المفرطة، وهذا بسبب التغيرات الفيزيولوجية، وهي فترة لا تتعدى عامين، حيث يتجه فيها سلوك المراهق إلى الإعراض عن التفاعل مع الآخرين، أي الميول نحو الانطواء، ويصعب عليه في هذه الفترة التحكم في سلوكه الانفعالي، وهذا يسبب له صعوبة في التكيف وتقبل القيم والعادات والاتجاهات داخل الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه، "حيث تبدأ في هذه المرحلة المظاهر الجسمية والعقلية، والفيزيولوجية، الانفعالية، والاجتماعية المميزة للمراهقة في الظهور وتختفي السلوكيات الطفيلية، وهذا ما يزيد من حساسية المراهق"(مختار، 1982: 166).
2-2 المراهقة الوسطى من(16-18) سنة:
ويلاحظ فيها استمرار النحو في جميع مظاهره : وتسمى أحيانا هذه المرحلة بمرحلة التأزم لان المراهق يعاني فيها صعوبة فهم محيطه وتكيفه مع حاجاته النفسية والبيولوجية، ويجد أن كل ما يرغب في فعله يمنع باسم العادات والتقاليد دون أن يجد توضيحا لذلك وتمتد هذه الفترة حتى سن (18)، وبذلك فهي تقابل الطور الثانوي من التعليم، وتسمى "بسن الغرابة والارتباك، لأنه في هذا السن يصدر عن المراهق أشكال مختلفة من السلوك تكشف عن مدى ما يعانيه من ارتباك وحساسية زائدة "( زهران،1995: 297).
2-3-المراهقة المتأخرة من(18-21) سنة:
تعرف هذه المرحلة غالبا بسن اللياقة، لان المراهق في هذه الفترة يحس انه محل أنظار الجميع يبدأ المراهق في هذه المرحلة بالاتصال بالعالم الجديد، عالم الكبار وتقليد سلوكهم، حيث يتجه الفرد محاولا أن يكيف نفسه مع المجتمع الذي يعيش فيه، ويوائم بين تلك المشاعر الجديدة وظروف البيئة ليحدد موقفه من هؤلاء الناضجين محاولا التعود على ضبط النفس والابتعاد عن العزلة والانطواء تحت لواء الجماعة( عوض، 331:1994 )
3-الفرق بين المراهقة والبلوغ:
يمكن فهم المراهقة (adolescence) بشكل واضح إذا ميزناها عن البلوغ (puberty) عندما نتحدث عن سن البلوغ, فإنه يشير إلى التغيرات الفيزيولوجية والبيولوجية التي تحدث عند الأفراد فالبلوغ يشير إلى نضج الوظائف الجنسية، ويحدث في متوسط (13) سنة تقريبا عند الفتيات يصاحبه ظهور الثديين، ويحدث عند الفتيان بعد ذلك تقيم تقريبا يصاحبه تغيرات في الصوت وظهور شعر الوجه في حين أن جذور المراهقة لا تكمن في النمو البيولوجي للإنسان، ولكن الجانب المهم حقيقة في المراهقة هو الاتجاه (attitude) والسلوك فهذا نتاج للثقافة السائدة في المجتمع(مجدي، 1996: 273-274).
- قبل رؤية الظواهر التي تميز هذه الفترة من الحياة، وفي محاولة لفهم ما يعنيه هاذين المصطلحين:
المراهقة والبلوغ أكثر بكثير مما كان عليه الفرد في كل الفترات السابقة والظواهر ليست هنا على مستويين: فالتغيرات الفيزيولوجية وكذلك التغيرات النفسية في حد ذاتها تمر بعدت مراحل:
v العوامل الفيزيولوجية:
- مرحلة ما قبل البلوغ
- سن البلوغ
- مرحلة ما بعد البلوغ
v العوامل النفسية:
- مرحلة ما قبل المراهقة
- مرحلة المراهقة المبكرة
- المراهقة
- أواخر سنوات المراهقة
- النضج
وإن كانت هناك روابط وثيقة بين النمو الفيزيولوجي والنفسي، إلا انه غالبا ما يكون هناك تأخير في هذا الجانب أو ذلك: على سبيل المثال "هناك بعض الأفراد لا يصلون إلى مرحلة النضج العاطفي في حين أن نموهم البدني مكتمل (الأنوثة) " وأخيرا يمكن القول أن مراحل النمو مترابطة ترابطا وثيقا سواء من الناحية الفيزيولوجية أو النفسية، حيث أن هناك تداخل بين هذه المراحل مما يجعل أحيانا صعوبة التميز بينها، مثلا من الصعب التفريق بين مرحلة ما قبل المراهقة ومرحلة المراهقة المبكرة. (مهدي،1962: 61-62)