لست سايكوا
هي كلمة يرددها الأفراد الذين يعانون من ضغوط الحياة المستمرة ، التي تدفعهم لردات فعل عنيفة ( كسر ، ضرب ، عنف ، تجريح...الخ )او انفعالية ( بكاء ، صراخ ، أرق ، نحيب ، ...الخ )
انت لا تعلم
مقدار الضغوط التي يمرون بها ، نحن نعيش في مجتمع يعاني من الجفاف العاطفي _لا
نقصد هنا الرومنسية _ بل جفاف عاطفي في الشعور بالآخرين و تفهم آلامهم و معاناتهم .
أنا لست مريضاً نفسيًا ولا
شخصية إنعزالية ولا أكره الناس والمجتمع ولا عندي عُقدة بشخصيتي، لكن احياناً أحب
الجلوس لوحدي وأستمتع بالوقت الذي أقضيه مع نفسي سواءً كنت أمارس نشاط محدد أو فقط
أنظر الى السقف بصمت.
" عناق"
أغلب من
يعاني ضغطا مسيطرا على نفسيته و مشاعره و صحته النفسية و الجسدية تجده يعاني من
شعور : التفتت ،التشتت، الانهيار، الانصهار ،التنمل و غيرها .
_يحتاج منك فقط عناقا طويلا و ربتا على كتفه و مسحا على رأسه .
_يحتاج منك همسا في أذنه أني هنا بجانبك لابأس أن تبكي .
صدقوني أغلب
الذين يعانون من تلك المراحل المرهقة لا يحتاج منك ان تقوم بإسداء النصح له بل
الاستماع اليه ، تفهم ألمه و التعاطف معه .
" الصمت "
يعني كثيرا
في حرم الشكوى استمع اليه بتمعن ، لا تدرج ملاحظاتك في أوج غضبه في أوج حاجته
للتحدث و الصراخ بمكبوتاته ، بأوج دماره .
انه أشبه
ببركان مميت مليء بالحمم الحطام الفتات العذاب الداخلي .
من فضلك :
دعه يتحدث !
" الراحة "
ذكرني هذا
الأمر بحالة شخص التقيت به في ممر المشفى هو ووالدته و اخته عندما جاءو يسألون عن
حالة طفل مقيم في قسم طب الأطفال الذي أعمل به فأجبت أنه بخير انه يتواجد في
الغرفة c .
مشى خطوات
ثم عاد متسائلا ماهو عملك ؟
أجبت أنا
مختصة نفسانية في هذه المصلحة ! لا تصدقون
لمعة عينيه و صراخه أرجوك استمعي الي .
_أشار الى أمه و أخته أن اذهبا لرؤية الطفل في الغرفةc ، و قال
أرجوا أن تستمعي الي لو سمحتي لست " سايكوا " .
استقبلته في
مكتب الفحص النفسي ،صدقوني ما إن جلس بدأ بالحديث بإسهاب تحدث عن كل شيء تحدث
مطولا صرخ أحيانا و بكى عميقا كان يتحدث و يبكي ، ثم ضحك مطولا على مواقف جابهته
_كان يعاني ضغطا مريرا _
" نهاية الضغط "
لست أدري ما
حدث لكن صدقا حديثه و درجات انفعاله بكاؤه و ضحكه و حتى هدأته كلها كانت أشياء
قابعة في داخله كانت تؤلم قلبه كان يدري أنه ليس بخير مع هذا الكم الهائل من الضغط
النفسي و الكبت كان يتحدث بصدق لشخص مجهول قابله في ممر المشفى توا .
" الراحة "
عندما أنهى
حديثه شكرني مطولا كنت اتابع حديثه بإهتمام و تركيز ، التفهم و عدم مقاطعة حديثه
عدم الاستهزاء بمعانات الآخر تعني الكثير لهم انها الراحة عندما يتخلص أحدهم من
آلامه بالتحدث معك .
" لست سايكوا كان المصطلح الذي بدأ به و انتهى به
موقنا أنه ليس مريضا نفسيا و لكن كان يعاني من ضغوط الحياة الكثيرة ، لم يكن
يستطيع البوح بها لأمه او أخته "
ما أردت أن
أوضحه أن أغلب الأشخاص يعاملون الأفراد الذين يعانون من تدهور في صحتهم النفسية
كمجانين إن صح التعبير أو غربي الأطوار و قد يدفعهم ذلك الى النبذ و التهميش
الاجتماعي .
أغلب
الاحصائيات تشير الى أنه يُعاني ما يقرب
من 50% من البالغين من مَرَض نفسِي في مرحلة ما من حياتهم ،وأكثر من نصف هؤلاء
المَرضَى يُعانون من أعراض متوسِّطة إلى شَديدة، وفي الواقع، فإنَّ 4 من أصل 10
أسباب رئيسية للإعاقة أو العجز بين الأشخاص الذين تبلغ أعمارُهم 5 سنوات فما فوق
هي اضطرابات في الصحَّة النفسية، حيث يعدُّ الاكتئابُ هو السَّبب الأوَّل في جميع
الأمراض التي تسبِّب الإعاقة. ولكن، على الرغم من هذا الانتشار المرتفع للمرض
النفسي، فإنَّ نَحو 20٪ فقط من الأشخاص الذين يعانون منه يحصلون على مساعدة
اختصاصيَّة.
لكن هذا ليس
عيبا ، وعينا بما يعانيه الآخر يدفعنا للتكفل به تفهمه و حتى مساندته اجتماعيا و
نفسيا .
•التقبل يدفعه للنجاة من كل هذه الفوضى ، وعينا بما يعانونه يحميهم .
_إعداد المختصة النفسانية : جويرية بريطل