تأثُّر حَياتُنا النَفْسِيَّة بِالوَباءِ العالميّ: كورونا وَقَلَقْ المَوْت وَهستيريا الجَماعَة
تأثُّر حَياتُنا النَفْسِيَّة بِالوَباءِ العالميّ: كورونا وَقَلَقْ المَوْت وَهستيريا الجَماعَة |
انتشر القلق والخوف من الإصابة
بفيروس الكورونا بشكل أسرع من المرض بحد ذاته، وذلك بسبب كل تلك الأخبار التي
تناقلتها وسائل التواصل الإجتماعي.
والإستجابة العامة للقلق على
الجمهور كان على أشكال متعددة منها:
- التهافت المجنون على بعض المنتجات الذي فاق الخطورة الفعلية
للفيروس وأدى لتغييرات سلوكية حيث اتصفت سلوكيات بعض الناس بالعدائية والعنف نتيجة
شعورهم بالخطر والتهديد.
- ظهور هستيريا الجماعة mass hysteria
تصيب مجموعة من الناس المتعرضين
لضغوط نفسية و/أو جسدية.
تظهر عليهم أعراض جسدية تشبه
المرض الحقيقي كصعوبة التنفس/ الإغماء/ الغثيان وآلام أخرى .
هذا ما يسمى بالوهم الجماعي، خروج
الضغط النفسي والقلق عن السيطرة، فيوهم العقل الجسد أنه مريض، ويظهر على أعراض
حقيقية ولكن بدون مرض فعلي، فمن منكم لم يعاني في الأيام السابقة من أعراض مماثلة
للكورونا؟ ألم راس، حرارة مرتفعة، و ربما ضيق تنفس وتعب شديد ؟ آلاف الناس تهافتوا
لإجراء فحص الكورونا وهم غير مصابين!
ديناميكية الجماعة والإيحاءات
المرضية من حولك مع القلق الكبير قد توصلك لمرحلة القناعة أنك مريض أيضاً.
- قلق الموت
كل إنسان يفكر بالموت وتنتابه
مشاعر سلبية من خوف وحزن .. ولكن كيف يؤثر إنتشار وباء عالمي على ارتفاع معدل
القلق من الموت؟
أيقظ الوباء قلقنا من الموت لا
سيما مع أخبار الوباءات التاريخية والأرقام الخيالية لحصيلة الأموات.
قد تترافق فكرة الموت مع أعراض
إكتئابية وخوف شديد .. بسبب عدم التهيؤ له، وذلك عند الفئات الشابة والمتوسطة، على
عكس كبار العمر الذين يكون قلقهم عادة أقل بسبب أنهم راضيين بشكل عام عن حياتهم
(أنجزوا ما يريدون إنجازه) إضافة للمرض والعجز الذي يهيؤهم للمحطة النهائية: الموت .
و بسبب إنتشار الوباء العالمي فإن
الناس قد أصبحوا أكثر خوفاً من الموت، والبعض وقع في بؤرة الصراع حينما لاحظ أن
حياته تافهة وعادية ولا معنى لها وفجأة أصبح لا قيمة لأي شيء وأصبح كالسجين.
يحتفل المكسيكيون كل سنة بالموت
لمدة ٣ أيام ويسمى عيدهم las dias de
los Muertos
حيث يتذكرون أمواتهم و يصلون لهم
ويكون يوم مبتهج.
ونحن لا نقول أنه علينا أن نرقص
للموت وأن نكون مثلهم، ولكنه نموذج إنساني وأكبر دليل أن قناعة الفرد هي من تحدد
شعوره وسلوكه.
معرفة أن الموت جزء من دائرة
الحياة وأنه سيقع علينا بسواسية، وأن علينا إستغلال كل لحظة لفعل الخير والإنتاج
والتأثير على من حولنا و أنه مازال هناك فُرص، يخفف من القلق.
ففكرة الموت إن أردنا قد تكون
نفسها الحافز للإنجاز وإثبات الذات وتوقظنا من الغفلة التي كنا نعيشها، وتذكرنا أن
لدينا حياة واحدة يجب أن نعيشها كما نحب ونختار ..
فمن منا يريد أن يرحل دون أن يترك
أثراً ؟
فلا يجب أن نترك الوباء يجعل من
حياتنا هشة وفوضوية ومجنونة .. ربما قد ندرك في هذه الأزمة أن حياتنا تافهة وعادية
بشكل مضجر .. ولكن الوعي هو أول خطوة للتغيير والإنطلاق .. والمرحلة الأولى أفضل
من الصفر .
وكما يقول الفيلسوف جون ديوي "عليك العمل على زيادة معنى التجربة الحالية"
So act to increase the meaning of present experience
ركز على يومك وكيف يمكن أن تجعله
أكثر جمالاً واجعل لحياتك معنى يستحق أن تعيش لأجله.
كتابة:مروة ناجي صبيح