العنوان :تعسا للجمال
..
المرآة .. تبا لتلك الزجاجة اللعينة .. لا
تكتفي بالقول لها لست جميلة .. لقد صارت في كل مكان تخاطبها حتى في زجاجات
السيارات المركونة على جانبي الطريق .. حتى أنها تغضب من عاملة النظافة حين لا تنظف
زجاج الباب الرئيسي لمؤسسة عملها ..
آآه تتنهد حين تصل مكتبها و قبل أن تباشر
عملها لا بد لها من مخاطبة مرآتها الصغيرة التي تصاحبها في محفظتها
..
تدقق في كل تفاصيل وجهها .. و اليوم
موضوعها كامل عن حشرة صغيرة !!
الناموس اللعين لابد من إيجاد حل لهذه
الحشرة الغبية .. كيف لها أن تختار خدي دون ذراعي؟؟ يوجد به دم أيضا
..
ترد عليها زميلتها بنبرة ساخرة .. من
جمالك قبلتك ناموسة في وجهك ..
لقد أخد الهوس جزءا كبيرا من عقلها
..
تتضخم اللسعة على خدها و تحتل مع الوقت
جزءا أكبر بقليل من حبة العدس .. و يزداد غضبها .
تشتغل بعملها قليلا .. لكن الهوس يعرف كيف
يشق بالوهم طريقه كمنبه في باطن العقل .. كأنه يوحي لها : لقد صارت اللسعة أكبر
ستحتل كامل وجهك .. الحشرة سيئة للغاية و قد يحدث للجرح تعفن مع الوقت ليترك على
وجهك تشوه أبدي ..
تنهض كالمصروع و تصرخ .. آآآي الألم يكاد
يقتلني يجب علي زيارة الطبيب حالا .. تحمل محفظتها و تسارع إلى المدير تطلب رخصة
خروج و هي تعيش شبه هستيريا .. المدير يوافق على الفور و يتمتم (( تعسا للجمال ))
تدخل الطبيب و تبدأ بالشكوى و التدمر ..
أنقدني يا دكتور أكاد أنهار ..
الطبيب متعجب هذه لسعة عادية قليل من
الدواء و ستصيرين بخير .
تنفجر غاضبة : كيف تراها عادية .. هل أنت
طبيب ؟؟
تخرج مباشرة من العيادة إلى عيادة أخرى
..
و في باطن عقلها يكبر الوهم و يزداد وحيه
تأثيرا .. أنت لم تبكين لدى الطبيب يجب عليك أن تكونين أكثر بؤسا و تألما
..
تدخل عند الطبيبة : و تنفذ تماما وحي
وهمها و هوسها ..
تتفطن الطبيبة لذلك لتأخذها لقاعة العلاج
و مع الممرضة بعد عمليات تنظيف للجرح المنتفخ الذي أخذ بالتراجع من حبة عدس إلى
حبة قمح ..
قالت لها الطبيبة : الحمد لله أنك أسرعتي
بزيارة العيادة و إلا لكان الانتفاخ أخذ من خدك الجميل حيزا أكبر .. سأعطيك دواء و
لا تلمسي الجرح و اطمئني وضعنا فيه دواء فعال أتاني من عيادة فرنسية و لا تقلقي
بعد يومين عودي لنختم عملنا .
خرجت من العيادة و تركت الطبيبة تتمتم ((
تعسا للجمال ))
أما هي فكانت تمشي متمايلة و السعادة تغمر
قلبها و الاطمئنان يدحر ذلك الوهم المستطير .. حتى أنها لم تنظر إلى زجاجات
السيارات المركونة على جانبي الطريق ..
*
كتبها لكم فريد فاريونيس
في جيجل صبيحة الأربعاء 28 أوت 2019
من مقالاته -- الأدب النفسي
--