الإنهاك النفسي
Psychological Exhaustion
مفــهوم الإنــهاك النفسـي
إن مفهوم الإنهاك النفسي Psychological Exhaustion قد بدأ الاهتمام به منذ عام 1960 ولذلك فقد مر بمرحلتين .
1-
المرحلة التنويرية أو مرحلة الرواد الأوائل من (1960 – 1979) .
2-
المرحلة التجريبية (1980) حتى الآن .
وفي
ما يلي بيان المرحلتين السابقتين
1-
المرحلة التنويرية
في بدايتها لم يعرف مصطلح الإنهاك
النفسي Exhaustion Psychological وإنما وجدت مصطلحات بديلة فقد بدأت في بداية الستينات من القـرن
العشرين (1960) حين لحظ بعض الباحثين في مجال الصناعة تدني أداء بعض العــاملين
ذوي الأداء المرتفع , مع ظهور بعض المتغيرات السلوكية السلبية منها : التغيب
المستمر عن العمل لمدد طويلة , وأَطلقت على ذلك مصطلح الوهج المنطفئ Falmeouts .
وفي بداية السبعينات ظهر فـي الولايات
المتحدة الأمريكية عدد من المقالات التي اهتمت بالإنهاك النفسي وركزت على الأفراد
الذين يعملون في مجال الخدمات الإنسانية وفي سنة (1974) ظهر مصطلح الإنهاك النفسي
على يد الطبيب النفسي (فرويد نبرجر) ووصفه بأنه ظاهـرة سلبية لدى المهنيين الذين
يعملون في عيادة لمدمني المخدرات عن طريق الضغط الزائد على الفرد , وأن الإنهاك
النفسي يصيب الفرد نتيجة العمل الزائد والضغط المستمر مما يفقده المشاعر العاطفية
تجاه العملاء .
وفي بداية الأمر كانت النظرة للإنهاك النفسي أنه يصيب من
يعمل في المـهن التي يتـصل الفـرد فـيها بالمرضى كالممرضات . إذ إن الاهتمام
بدراسة الإنـهاك النفـسي كـان قاصـراً في البداية على مهن الرعـاية الصحية ثم امتد
ليشمل باقـي الفئات الأخرى التي تتطلب التعامل مع الجمهور .
إن الإنهاك النفسي حالة لا يقتصر أثرها على
الفرد المصاب بها فقط وإنما يتعداه للمحيطين به . فالإصابة به لا تشترط عمل الفرد
في مهنة معينة , حيث إن لأي مهنة ضغوطها التي قد تساهم في زيادة مشكلات هذا الفرد
واستمرار تلك المشكلات بالرغم من قلة قدراته على التوافق معها , فإنه يصاب
بالإنهاك النفسي , لهذا فعلى كل فرد أن يلحظ سلوكه ويقومه أولاً بأول حتى لا
تتفاقم المشكلة .
2-
المرحلة التجريبية
وفيها تطورت النظرة للإنهاك النفسي
وظهرت بعض الدراسات الأكثر منهجية وقومت خلالها أول محاولة جادة لقياس الإنهاك
النفسي في مجال الرعاية الصحية , ثم تطورت تلك الأداة سنة (1986) لقيـاس الإنهاك
النفسي للعاملين في مجال المهن الاجتماعية ولذلك المقياس ثـلاثة أبعـاد : (الإجهاد
النفسي , وتبلد المشاعر , ونقص الشعور بالإنجاز الشخصي) . و لقي ذلك المقياس شهرة
واسعة .
حاول بعض الباحثين ربط الإنهاك النفسي ببعض المفاهيم
والمتغيرات الأخرى مثل : الصلابة النفسية والمناخ المغلق في العمل كما في دراسة
كابون وكورتز (1985) (Kayon
& Kurtz) والرضا
الوظيفي وصراع الأدوار في دراسة بيكو (2006) (Piko) مما يدلنا
على أن الإنهاك النفسي ارتبط بأغلب مجالات الحياة ومنها العمل المهني , والشخصية ,
والنمط الإداري المتبع في العمل . وإذا انتقلنا إلى النتاج الفكـري العربي نجد أن
مصطلح الإنهاك النفسي نظر إليه الباحثون على أنه مفهوم ثلاثي الأبعاد : الإجهاد
الانفعالي , وضعف الاهتمام بالبعد الإنساني , ونقص الكفاية والإنجاز الشخصي .
في حين نظر يرى باحثين آخرون أن له ثمانية أبعـاد :
العـلاقة بالطلاب والمساندة الإدارية من المدرسة , والعلاقة مع الموجهين ,
وإِعـداد المعلم وتأهيله , والمنهاج وطبيعته , والوسائل التعليمية وتوافرها ,
والعلاقة بالزمـلاء والآثـار النفسية والجسمية المترتبة على ذلك.
مصـادر الإنــهاك النفســي
حاول كثير من الباحثين التعرف على المصدر
الأساس للإنهاك النفسي معتمدين على العلاقة الايجابية بين تلك المظاهر وضغوط العمل
. فقاموا بتصنيف المداخل النظرية للإنهاك النفسي على وفق طبيعة المصدر الضاغط
وآثاره السلبية على المهنية و العمل نفسه وآخرون قسموا عوامل ضغوط المهن إلى أربع
مجموعات هي:
1-
عوامل ضغوط بيئة العمل المادية : وتشمل الضوء والإزعاج والحرارة وتلوث الهواء .
2-
عوامل ضغوط اجتماعية : وتشمل
ضعف العلاقة مع الزملاء في العمل والمرؤوسين والمدير.
3-
عوامل ضغوط تنظيمية : وتشمـل
صـنف تصميم الهيكل التنظيمي وعـدم وجود سياسات محدودة . أن هناك بعض الصفات
الذهنية والعاطفية والبيولوجية والديموغرافية تؤثر في التفاعل مع عوامل ضغوط العمل.
مكـونات الإنـــهاك النفســـي
هناك
ثلاثة مكونات للإنهاك النفسي ؛ هي :
1-
الإرهاق الانفعالي :- يشير
إلى استنفاذ الفرد للطاقة الانفعالية والنقص في قدرته الجسمية بسبب تعدد
المسؤوليات المنوطه به في مجال العمل .
2-
تبلد المشاعر :- يُعد هذا
البعد أكثر الإبعاد المحفوفة بالأخطار من ضمن الأبعاد الثلاثة لمقياس ماسلاش , حيث
يتصف تبلد المشاعر والتجرد من الشخصية بالاستجابة المنعزلة القاسية والمجردة من
الصفات أو الإنسانية نحو العملاء , ومع تزايد الانعزال ينشأ اتجاه من اللامبالاة
تجاه احتياجات الآخرين والتجاهل والاستخفاف بمشاعرهم بطريقة فيها نوع من القسوة .
3-
انخفاض الإنجاز الشخصي :- يشير
إلى شعور الفرد بعدم الكفاية والنجاح وعدم القدرة على التأثير الايجابي في الآخرين
وفاعلية في التعامل مع مشكلاتهم وعدم الرغبة في بذل المزيد من الجهد للإنجاز .
مظاهــر
الإنــهاك النفســي :-
هنالك مجموعة من المظاهر الدالة على وجود الإنهاك النفسي
لدى الفرد التي تتضمن المظاهر الفسيولوجية والبدنية والمعرفية والنفسية
والاجتماعية والسلوكية , والتي تبين خطورة الإنهاك النفسي على الفرد بل المجتمع
كله , فما الفرد إلا عضو في المجتمع ، وأن إصابة الفرد بالإنهاك النفسي يمثل خطراً
فيصبح مهددة بالدمار عن طريق آثاره السلبية على الفرد التي تجعل الفرد يترك عمله
فيخسر جهد هذا الفرد الكفء حيث إن الإنهاك النفسي يصيب الأفراد الأكثر كفاية .
وفي
ما يلي توضيح تلك المظاهر
1)
المظاهر الفسيولوجية والبدنية .
وتشمل
العلاقات التي تظهر على البدن مثل الاضطرابات السيكوسوماتية التي تمثل ما هو الآتي:
-
الصراع المستمر والاضطرابات المعدية , والأرق وضيق
التنفس .
-
الآم الظهر , وذبحة الصوت وفقدان الشهية .
-
اضطرابات الأكل والاستخدام المفرط للعقاقير والكحوليات .
-
أمراض القلب والقولون العصبي , وضغط الدم .
-
انسداد الشرايين وأمراض الرئة والسرطان .
-
اضطراب النوم مثل المشي أثناء النوم .
-
اضطرابات الهضم والإمساك .
-
توتر العضلات ونقص المقاومة والروماتيزم .
-
الضعف الجنسي وغزارة البول والإسهال .
-
حب الشباب والتهابات الجلد .
-
ضعف الحيوية وقلة النشاط .
2)
المظاهر المعرفية وتشمل ما هو آت :
-
البلادة الفكرية وفقدان القدرة على الابتكار .
-
التشتت الإدراكي والشرود الذهني .
-
الوسوسة وكثرة الشك والعند .
-
قلة المقدرة على الانتباه والتركيز لمدة طويلة .
-
عدم القدرة على مواجهة المشكلات بكفاية .
3)
المظاهر السلوكية وتتمثل بـ :
-
التغيب الطويل عن العمل والتقاعد المبكر .
-
النقد الدائم للآخرين والسخرية منهم .
-
النظرة السلبية للآخرين وضعف الالتزام بالعمل .
-
العدوانية وفقدان الهوية الشخصية .
-
أداء العمل بطريقة روتينية ومقاومة التطوير .
-
الاتكالية . والاعتداء على حقوق الآخرين .
-
البعد عن الموضوعية في الحكم على الأداء الوظيفي .
-
الانسحاب والميل للعمل الإداري أكثر من التعامل مع
الزملاء .
-
انتظار أيام العطل والإجازات ليبتعد عن العمل .
-
الانسحاب من الحياة العائلية وتجنب الأصدقاء .
-
تدني القدرة على الإنجاز وعدم الاهتمام بالعمل .
-
نقص دافعية الأداء والتخلي عن المثاليات وزيادة سلبية
الفرد .
-
عدم الرغبة في العمل وعدم الرغبة في العمل بطواعية .
-
زيادة العنف لدى الأزواج وحدوث الخلافات الزوجية .
بالرغم مما سبق فإن تلك المظاهر لا تكون بالدرجة نفسها
لدى جميع الإفراد بل لا يشترط أن تظهر هذه المظاهر كلها لدى فرد واحد ولا في وقت
واحد وذلك يعود لاختلاف الأفراد في ما بينهم . وأن ردود أفعال الأفراد تختلف تجاه
المواقف التي تشكل ضغوطاً عليهم ، إذ قد ينجح بعضهم في مواجهتها والتوافق معها
فيستمر عطاؤه ، وآخرون تنهكهم وتستنزف قدراتهم ويصابون بالتوتر وتظهر عليهم مظاهر
الإنهاك النفسي .
مراحـل
حـدوث الإنـهاك النفسـي :-
ذكر
الباحثون في هذا المجال أن للإنهاك النفسي مراحل يمر بها الفرد وهي عادة أربع
مراحل لها دلالاتها الشخصية وهذه الدلالات :
-
المرحلة الأولى : تمتاز
بالحماس والآمال والطاقة العالية والتوقعات غير الواقعية حيث يعتقد المهني أن
بإمكانه مساعدة الجميع والتغلب على جميع الصعوبات في العمل .
-
المرحلة الثانية : في
هذه المرحلة يشعر المهني بالأهمية الكبيرة التي يضيفها العمل في حياته .
-
المرحلة الثالثة : تحدث
هذه المرحلة عندما يتساءل المهني عن حقيقة الدور الذي يقوم به وقيمة الوظيفة
بالنسبة للآخرين وهنا يبدأ في الانتقاص من قدر نفسه .
-
المرحلة الرابعة : في
هذه المرحلة يشعر المهني بفقدان الحماس واللامبالاة وفتور الشعور وردة الفعل هذه
هي الدفاع الطبيعي عندما يجد المهني نفسه في وظيفة غير مرضية ولا يمكن تركها .
مواجـهة
الإنـهاك النفسـي والتخفيـف مـن آثـاره :-
بناء على ما سبق فالإنهاك النفسي يمثل
حالة لها تبعات تصيب الفرد ولذلك فمن الجدير بنا محاولة تقديم بعض الطرائق لمنع
التعرض له ومواجهته والتخفيف من آثاره .
1-
بناء الذات الإيجابية
ترتبط الذات الإيجابية بالصحة النفسية
ارتباطاً وثيقاً فالفرد الذي يشعر بالثقة في نفسه وأن له ذات إيجابية فانه يتمتع
بقدر وفير من الصحة النفسية , وأن الفرد مثل ما يستجيب للعالم الخارجي بما فيه
فإنه يستجيب لعالمه الداخلي ولذاته مما يساعد في تشكيل الهوية لديه عن طريق بعض
النقاط ومنها : تحديد جوانب القوة لدى الفرد والعمل على زيادتها , وجوانب الضعف
والعمل على تحسينها مما يزيد الفرصة لسلامة الصحة النفسية لديه .
2-
الاسترخاء والتأمل
إن الفرد الذي يعاني من الإنهاك النفسي
يجد شداً في أغلب أعضائه لذا من المفيد له أن يسترخي ويتأمل إضـافة لأخذه الراحة
المناسبة . وأن الاسترخاء يمكن أن يساعد الفرد في التخلص مـن الضـغوط القوية
والتوتر الذي يشعر به ومواجهة الإنهاك النفسي , وذلك شرط يقـوم به الفرد بشكل سليم
, إذ إن الاسترخاء يساعد في تقليل الآلام والمعاناة التي يعشيها الفرد نتيجة
الضغوط التي تحيط به . شرط أن يكون الاسترخاء والتأمل في المكان و الوقت المناسبين
حيث الهدوء والسكينة .
3-
المسـاندة الاجـتماعية
للمســاندة الاجـتماعية نشاط مهم فـي مواجـهة الإنـهاك
النفـسي وتعد من مصـادر شـعور الفرد بالأمـن النفـسي فـي بيئة العمل .
ذكر فيلدمان وآخرون (2002) أن المســاندة
الاجتماعية بمصادرها المتعددة (الأسرة , والزملاء في العمل , والإدارة والإشـراف
الوظيفي ) تعد عاملاً واقياً للفرد بل للمؤسسة كلها من الوقوع في خطـر الضغوط
النفسية والإنهاك النفسي .
4-
تحليل الوظائف وتوصيفها
إن الوظائف تسـاعد المـؤسسة في تعـرف
درجة الضـغوط المخـتلفة في الأعمال المختلفة ومن ثم تسند العمل المناسب للفرد
المناسب الذي يمتلك القدرات التي تمـكنه من القيام به بل التوافق مع تلك الوظائف
مع مــراعاة العمل الوظيفي لكل عامل , لهذا نجد بعض المؤسسات تهتم بالتقييم
المستمر لعــمالها بغـية معرفة الأعباء الوظيفية التي يتحملها الفرد ومحاولة
تخفيفها أو زيادتـها بحسـب حالة الفرد . لذلك تقوم بعملية تحليل لوظائفها وما يوجد
بها من عـمال . أي تقـوم بالتحليل على مستوى الوظائف والأفراد حتى تتمكن من وضع
الرجل المنـاسب في المكان المناسب , فيقل الضغط الواقع على كل فرد ومن ثم لا يتعرض
للإنـهاك النفسي حيث يتحمل الفرد عبئاً مناسباً لقدراته .
5-
بعض الاستراتيجيات المعرفية
إذا كان الإنهاك النفسي يكوّن اختلالا
في الجانب المعرفي , إذ يقل الانتباه والتركيز كما يختل الإدراك وأن التعرض لمصدر
الضغط في حد ذاته لا يسبب الانزعاج والإنهاك النفسي إنما رد فعل لفعل وإدراكه لذلك
الضغط والتصرف نحوه هو الذي يحدد النتيجة النهائية وغالباً ما يكون للاستعداد
الذهني نشاط في ذلك . إذ إن الاستراتيجيات والطرائق المعرفية تعتمد على التحليل
المنطقي للمشكلة ومحاولة الفرد فهم الموقف وتقييمه من جوانبه كلها مما يساعد في
الوقاية من التعرض إلى الإنهاك النفسي .
إن
الاستراتيجيات المعرفية هي ما يأتي :
1- التحليل المنطقي
وإعادة التفسير الإيجابي للموقف .
2- وضع أهداف
واقعية بعد فهم قدرات الفرد وظروف واقعه .
3- التفكير
الإيجابي في شتى جوانب الحياة (في نفسك والعمل والأسرة) والميل للتفاؤل .
4- استخدام أسلوب
حل المشكلات عن طريق تحديد المشكلة وتقسيمها لأجزاء سهلة التعامل واستخدام الإستراتيجية
المناسبة للحل .
5- العمل والإفادة
من الحدث والموقف حيث يفيد الفرد من المواقف في حياته فيصحح مساره في ما يخص
توقعاته المستقبلية فهو ليس مستسلماً للضغط دائماً . وإنما يحاول التخفيف من خلال
التفكير المبني على خبراته المتعاقبة . مما يدعم أهمية المواجهة .
النـظريات التي فسـرت الإنـهاك النفسـي
تفاوتت وجهات النظر النفسية في تفسير الإنهاك
النفسي (Psychological Exhaustion) وفي ما يأتي موجز لأهم المدارس والتوجهات النفسية التي تعرضت
لمفهوم الإنهاك النفسي .
1-
نظرية التـحليل النفسـي
تعد مدرسة التحليل النفسي من المدارس
التي اهتمت اهتماماً كبيراً بتفسير العصاب ويرى أصحاب هذه المدرسة أن كل مرض هو
نتاج عن بعض الصراعات اللاشعورية .
-
فرويد
يرى فرويد أن القلق مصدر جميع
الانفعالات والاضطرابات النفسية ومنها الإنهاك النفسي جاءت نظرية فرويد عن القلق
لتثبت أن القلق ما هو إلا إشارة الهدف منها تمكين الفرد من تجنب الخطر , وأن
الأعراض المرضية مرتبطة بالطاقة النفسية ولولا هذا الربط لأصبحت الطاقة النفسية
حدة في الانطلاق على شكل توتر وقلق والأعراض المـرضية تظهر لكي تتمكن الخصائص من
الـضابطة والتوافقية (للأنا) مـن الابتعـاد أو النـجاة من موقف خطر وإذا منعت هذه
الخصائص من الظهور فإن القلق والإنهاك النفسي سيظهر لا محالة .
ويرى في تفسير سـلوك الإنسان أن القوة
الدافعة للسلوك هي قوى داخـلية وتسبب الصراع الداخلي بين مكونات الشخصية (ألهو –
والأنا – والأنا العليا) الذي يُسبب القلق الاكتئاب والتوتر والإنهاك النفسي وهي
مصدر السلوك الظاهري للإنسان مثل تبلد الشعور والإجهاد والانعزال عن الآخرين
وفقدان الدافعية .
إن شعور الفرد بالصراع يؤدي إلى تأزم حالته
النفسية ومن ثم يُخْلِقُ لديه شيء أو مظهر من مظاهر الإنهاك النفسي الذي قد ينشأ
ويدور في وعي منه أو يكون من دون وعي ومن دون الشعور به من جانب وهذا ما يسبب له
العصاب أو الإنهاك النفسي .
وركزت نظرية فـرويد علــى أن الإصـابة
بالاضطراب ينتج عنه محاولة تقليل التوتر والصـراع وذلك عن طريق الاستعانة بآليات
الدفـاع مـثل ( النكوص , والكبت , والإنكار , والإسقاط , والتبرير ) , وهـذه
الآلــيات تســاهم بشكل رئيس في تخفيف الصراع أو الإنهاك النفسي الذي قد ينتاب
الفرد وهذا يعد ربحاً ذاتياً .
وأضاف فرويد أن رجوع الفرد إلى حالة
الطفولة هو حماية (الأنا) من التصدع وأن ما يحدث بعد التعرض للصدمة هو رد فعل
طفولي للتخلص من الموقف الحاد والمؤلم وإن كان التصرف لا يتناسب مع سلوك الفرد
وشخصيته فهو يخفف من حدة القلق والإنهاك الذي يعانيه .
- أدلر
يؤكد أدلر أن العصاب ينشأ عن طريق خطأ
الفرد في إدراك بيئته وتفسيرها وحينما يصعب على الفرد أن يتخذ أسلوباً في الحياة
سيؤدي ذلك إلى الإنهاك النفسي وهذا بدوره يستطيع أن يعوض ما يشعر به من نقص فيخاف
من الفشل في تحقيق أهـداف الحياة , فيلـجأ إلى آلـيات الدفــاع التي قـد تساعد في
التخفيف من حدة التوتر والإنهاك النفسي , ويـرى أن أسـباب العصاب والإنـهاك النفسي
ترجـع إلى ضعف أجهزة الجسم وقـد يكون شعوراً بالنقص أو شعوراً بوضاعة ذلك العضو
ونقصه وضعف الكـفاية تجاه ظروف قاهرة وأن العـصابين أو المنـهكين نفسياً هم الأشخاص
الذي يمـتلكون أسلوبـاً حياتياً خـاطئاً اكـتسبوه خلال الاتصال بوالديهم دللوهم أو
أهملوهم خلال مدة الطفولة .
-
يونغ
يـرى أن العـصاب اسـتجابة غـير ناضـجة
للتـوافـق مع الواقع وأن الأمـراض العـصابية تنشـأ من الإلحاح والاندفاع في تلك
الطباع , ويرى يونغ أن الانبساط هي الطباع
المهمة في الإنسان وهي المحور الذي يدور تجاه اللبيدو فهو يتجه إلى الداخل وإلى
الذات عند الانطواء وإلى الخارج والعالم عند الانبساط .
إذ أكد يونغ أن الفرد يعاني من الإنهاك
النفسي وهو مفتاح الاضطرابات النفسية وأن الصراع الذي يعانيه الفرد نفسياً بين
نواحي من الشخصية التي لم تنُم نمواً متناسقاً وأن عملية التوافق في الحياة قد
يتطلب استعمال أنشطة شعورية وأحاسيس وأفكار وإذا وقع الفرد في موقف لا يستطيع
توافق نفسه معه فسبب ذلك أن أداة التوافق اللازمة غير كافية لمجابهة الموقف
والنتيجة الأولى لفشل التوافق هذا هو في نكوص الفرد وهي حالة يستدعي فيها
الاحتياطي من اللاوعي الجمعي الذي لـه إمـكانيات من الحكمة لا يملكها اللاوعي
الشخصي وإن لم يستطع الفرد أن يتوصل بعملية النكوص هذه إلى حل خلاف فإن الفرد
يستمر في استعمال صور ومظاهر من الاضطرابات النفسية ومنها القلق والتوتر والإنهاك
النفسي .
إن مصـدر الطاقـة النفـسية (الهو) , وإن
الإنهاك النفسي هو انهيار الطاقة النفسية و الطاقة البدنية تؤثـر في الطاقة
النفسية على أساس أن الحالة الجسم جزء مهم من الصحة العقلية والنفسية وأن الإنهاك
النفسي قد يوهن العزيمة من ناحية أخرى فالطاقة النفـسية تـوثر في الطاقة الجسمية
وأكدت مدرسة التحليل النفسي أن التوتر النفسي يرتبط بالطاقة النفسية ويحدث الإنهاك
النفسي .
-
سولفيان
يعد من المنظرين المجددين لنظرية التحليل
النفسي الجديدة الذي أعطى نوعين من وحدات بناء الشخصية (الديناميات) و(الأعراض)
ويعطي للديناميات أهمية اكبر ويعدها نمطاً ثابتاً نسبياً من الطاقة تعبر عن نفسها
بخاصية مميزة من العـلاقات بين الأفراد والطاقة تعبر عن نفسها من خلال العمل ويعني
العمل في هـذا السياق السلوك في المواقف التي تتضمن علاقات شخصية متبادلة أي إنها
وحـدات سلوكية يقدمها الإنسان للاستجابة للظروف البيولوجية والاجتماعية.
والشخصية لدى سولفيان هي كيان له طاقته
الخاصة واهم أهداف هذا الكيان هو التقليل من الشعور بالضيق الناجم عن التعب
والإنهاك النفسي الذي قد يتحسس به الفـرد ومـصادره الـتي أمـا أن تـأتي بسـبب عـدم
إشباع الحاجات المادية وإما أن تأتي من الأوضاع التي تُثير لديه الشعور بالقلق
والخوف وعدم الاطمئنان الناجمة من الخطأ في الصلات الاجتماعية بين الفرد وما يحيط
به .
ومن الآليات الدفاعية الانسحاب النفسي الذي
يلجأ إليه الفرد بمثابة اعتراف منه باستحالة الوصول إلى حل الأزمة وهذا كحال
المنهك الذي فقد كل أمل في تحسين حاله فيهرب المنهك من أزمته ويلتمس الراحة في
أحلام اليقظة أو في الإسراف في العمل حد الإنهاك .
-
هورني
ترى أن العصاب انحراف عن الأنماط
العادية في السلوك البشري وأن الاضـطرابات دفاعات لاشعورية وذات طـبيعة قهرية
لأنها تعمل على تحـقيق أهـدافها بطريقـة غير واضـحة وترى هورني أن القلق أساس
الاضطرابات النفسية الذي يعبر عنه الفرد بالغـرابة وعـدم الشعور بالأمان والاطمئنان
.
وقد أكدت هورني خبرات الطفولة الأولى
واعتقدت أن حاجة الرضا أكثر أهـمية من الجنس وقد أعطت هورني اهتمام كبيراً للعوامل
والظروف الاجتماعية وخـبرات الطفولة إذا كانت اهتماما متزايدا أو نبذاً أو قسوة
الأمر الـذي يؤدي إلى القلق والتـوتر والإنهاك الذي يعد الأسـاس في الاضطرابات
النـفسية .
2-
النظرية السلوكــية
يسلم أصحاب المدرسة السلوكية بان سلوك الإنسان متعلم
ومكتسب . وأن لدى الفرد دوافع فيزيولوجية وهذه الدوافع هي الأصل في السلوك
الإنساني وعن طريق التعلم يكتسب الفرد دوافع جديدة تقوم على دافع الفيزيولوجية
وتسمى بالدوافع الثانوية وهذه الدوافع هي التي توجه الفرد للوصول إلى أهداف تشبع
الحاجات المختلفة .
ومن
المنظرين السلوكيين الذين فسروا مفهوم الإنهاك النفسي :-
-
سكنر
يرى أن التعلم يحدث حينما تكون
الاستجابة السلوكية متبوعة بإثابة وتدعيم وأن السلوك الشاذ يستمر بفعل المثيرات
البيئية التي تعمل بوصفها أنواعاً من التدعيم ويرى أن دراسة السلوك الظاهر الملاحظ
يكفي لفهم الاضطرابات النفسية وعلاجها .
إذ يرى سكنر أن الفرد يكتسب جزءاً
كبيراً من سلوكه عن طريق الآثار التي يتركها هذا السلوك على البيئة حيث تنص نظرية
سكنر (التشريط الفعل) على أن الاستجابة لتنبيه معين لا تكفي لوصف السلوك وإنما
تحدث عند الكائن العضوي عملية التشكيل فحينما يقوم الكائن العضوي استجابة معينة
تتبعه استجابة أخرى لتنبيه آخر وبتتابع التنبيهات تتابع الاستجابات فتحدث تعزيزاً
وأن احتمالات تقديم تلك الاستجابة تزداد وهذا ما يسميه سكنر (التدعيم الايجابي)
وهو يعني أن أي فعل يؤدي إلى زيادة في حدوث استجابة معينة أو تكرارها , فالحوافز
والمكافآت تعد دعماً ايجابياً يساعد في تعلم الاستجابة الصحيحة وهناك تدعيم سلبي
أي التوقف عن إظهار منبه مزعج عند ظهور الاستجابة المرغوبة حيث إن تقديم سلوك غير
مرغوب يؤدي ذلك الإنـهاك النـفسي فالأفـراد يقـومـون بالتخلي عنه بالتدريـب عـلى
تـغير هذا السلوك لغرض الحصول على تعزيز والتدعيم السلبي يشبه الإيجابي باشتراكهما
في شيوع جوانب مرغوبة من السلوك .
-
أتكنسون
إن تعرض الفرد لخبرات كثيرة من الفشل
يجعله يتعلم توقع الفشل وعدم الثقة بالنفس والشعور بأنه فاشل وعاجز مما يدفعه
للقلق والإنهاك الذي هو استجابة سلبية وينتج عن إدراك الفرد عجزه عن تغيير البيئة
, وغالباً ما يكون الفرد انطوائياً ويسهل تأسيس منعكس شرطي فيه يصعب إطفاؤه بعد أن
تم تثبيته , فالأفراد لا يتعلمون استجابات جديدة لتحل محل الاستجابات القديمة لذا
فإن مستوى فعاليتهم ونشاطهم ينخفض تدريجياً , وإن انخفاض المعززات الإيجابية يؤدي
إلى تعطيل إنجاز السلوك المناسب وبذلك تنخفض مصادر تعزيزهم الرئيسه كالمشاركة
الوجدانية ويصبحون غير فعالين , وربما يساهم ذلك في تعزيز السلوك غير المتوافق
لديهم .
-
بافلوف
عد توازن المنعكسات والأنظمة العصبية في
الدماغ وبخاصة القشرة السنجابية وما تحتها مباشرة هي المعيار الأساس للصحة النفسية
, والعصاب اضطراب بين استجابة الكف
والاستشارة وهي استجابات تعتمد على (تكوين) الفرد , كما يرى أن ظهور العصاب
والإنهاك عند الفرد يعتمد على العوامل الوراثية والتكوينية لكل فرد .
-
أيزنك
عد أن العصاب مجرد عادة مخطئة تعلمها
الفرد نتيجة تجارب و ظروف تركزت عن طريق المنعكسات الشرطية المتعددة , وأن لا علاقة
للعصاب باللاشعور والكبت ولذلك فإن العصاب يمكن معالجته بإطفاء العادة المرضية
وتأسيس عادة جديدة أو (بناء سلوك طبيعي جديد في محل السلوك الخاطئ .
فقد
أكد أن هناك أبعاد ثلاثة تتكون منها الشخصية , هي :
1)
بُعد الانفتاح (Extrversion
Dimension)
الذي يعني به السلوك النابع من الفرد يتمثل في توجيه
اهتماماته بما يحيط به في البيئة الخارجية بدلاً من الاهتمام بأفكاره ومشاعره
وأحاسيسه ويستمتع بصحبة الآخرين ومعاشرتهم وبحب العالم المادي وتتمثل العوامل
الفرع لبعد الانفتاح بالصفات التالية كالنشاط والمجازفة والمخاطرة والفاعلية .
2)
بُعد الاضطراب النفسي (Neurotieism Dimetion)
شعور يسيطر على شخصية الفرد حيث يشعر الفرد بالقلق
والتوتر والإنهاك وتراوده الأفكار والأحاسيس بأنه يعاني من إنهاك نفسي وفسلجي ،
ويتمثل بالصفات( التوتر والقلق وسيطرة الأوهام والاكتئاب والاضطراب وتقلباتها)
3)
بُعد الانطواء (Inroversion
Dimetion )
سلوك نابع من الفرد ويتمثل بتوجيه
اهتماماته بأفكاره ومشاعره وأحاسيسه بـدلا من الاهـتمام بما يحـيط به مـن الـبيئة
ويستمتع بالوحدة والعمل بعيداً عـن الآخـرين وتتمثل العوامـل الفـرعية لـبعد
الانطواء بالصفات (حب الوحدة) عدم الاهتمام بالآخرين , والابتعاد عن النشاطات
الاجتماعية .
3-
النظرية الإنسـانيـة
-
نظرية الحاجات – إبراهام ماسلو
يرى إبراهام ماسلو أن الحاجات توجه السلوك
البشري وهي التي تدفعه وتقوده إلى وجهة
معينة وطبقاً لهذه النظرية فإن الإنسان مدفوع بعدد من الحاجات الأساس التي تكون
على الأغلب نفسية أكثر من كونها فسيولوجية وقد ذكر ماسلو أن هذه الحاجات تترتب
بشكل هرمي على النحو الآتي ذكره :
1) الحاجات
الفسيولوجية (Physidogical
Needs)
2) الحاجة إلى
الأمن (Safely
Need)
3) الحاجة إلى
الاحترام (Esteem
Need)
4) الحاجة إلى
تحقيق الذات (Selfavualization
need) .
فالإنهاك قد
يكون ناتجاً من التناقضات بين المطالب البيئية وقدرات الفرد في مواجهة هذه المطالب
أو بين الحاجات الفرد والإيفاء بالمطالب البيئية لمواجهة حاجات الفرد ، فإذا حقق الإنسان حاجات وما يتطلع إليه في
عمله فإنه سيكون بحسب رأي ماسلو مستقراً نفسياً واجتماعياً.
ولمـا كـانت هـذه الحـاجات محددات مهمة
للسلوك والإنهاك والإدراك والخبرة فإن اضطرابات نفسية واجتماعية وكل هذا يؤدي إلى
الإنهاك النفسي.
4-
النظرية المعرفيــة
-
نظرية التقدير المعرفي للازاروس :-
يعد ريتشارد لازاروس رائد هذه النظرية
التي سميت أيضاً نظرية (التقدير المعرفي) أو (التقديم المعرفي) في الضغوط أو ما
يطلق عليه (التقويم الابتدائي) الذي يشير إلى العمليات المعرفية لتقديم الحال إلى
مواجهة الفرد لمتطلبات النمو والتطوير .
فالضغط على وفق أنموذج لازاروس هو أية قوة أو متغير يشكل
عبئاً على الجسم (سواء كان هذا المتغير فسلجياً أم اجتماعياً أم نفسياً)
والاستجابة له , وأن ردود الفعل لهذا الضغط تعتمد على كيفية تفسير الفرد أو تقييمه
لمدى الأذى أو التهديد الذي يواجهه , ويرى لازاروس أن الضغوط تنشأ من التعامل بين
الفرد - البيئة عندما يفسر الفرد الموقف بأنه تهديد أو أذى
وتحد , وتدرك المتطلبات في المواقف الضاغطة العامة بأنها عبء تتجاوز الوسائل
المتاحة التي يمتلكها الفرد وأن هذه المتطلبات التي تفرض على الفرد تكون بأنماط
مختلفة , كأن تكون حضارية أو نفسية أو فسيولوجية ولكن أساس أي تغيير في التوازن
يتطلب وسائل للتعامل معها , وتختلف المواقف أو المنبهات التي تنتج الضغوط في
نوعيتها وشدتها من فرد لآخر ويمكن أن تعمل معاً لزيادة شدة التأثير العام .
إذ يؤكد (لازاروس) أهمية الفروق الفردية
والخبرات السابقة في حالات الإنهاك النفسي ولكي يكون منهكاً يجب على الفرد أن يدرك
أنه كذلك بمعنى أن الاستجابة للإنهاك النفسي تحدث فقط عندما يدرك الفرد موقفه
الحالي بأنه منهك .
والتقويم في نظرية لازاروس هو الفهم الكلي
للضغوط إذ تتضمن استراتجيات التعامل والنشاط المعرفي العصبي والاستجابة الانفعالية
والفسيولوجية والنتائج السلوكية , ويرى لازاروس أن عملية تعرض الفرد للعوامل
الضاغطة تمر بـ :
1)
التعرض للعوامل الضاغطة : إن الأفراد يتعرضون إلى نوعين من العوامل الضاغطة هما :
أ- المتطلبات
البيئية : وتتمثل بالإحداث الخارجية (الأسرية والاجتماعية والاقتصادية) التي
يواجهها الفرد في حياته وتتطلب منه التوافق معها كالأزمات العائلية والمرض والوفاة
وغيرها من الضغوط .
ب- المتطلبات الشخصية : وتشمل طموحات الفرد وأهدافه
وقيمته , والفعاليات التي يسعى لتحقيقها في حياته مثل تحقيق مستوى دراسي مرتفع .
2)
تقويم المواقف الضاغطة : أكد لازاروس أهمية إدراك المواقف وتقويمها بوصفه موقفاً
ضاغطاً من الفرد نفسه .
3)
الاستجابة للضغوط : و تعـد من المراحل الأخيرة في العرض للضغوط وفهمها يحاول
اختيار أحد بدائـل الاسـتجابة (السـلوكية , الفسيولوجية , المعرفية) والهـدف هـو
التخلص من تأثير العامل الضاغط , ويقصد بالاسـتجابة للمواقف الضـاغطة أن يكـون
الفرد واقعا تحت تأثيرها .
إذاً يتفق لازاروس وفولكمان (Lazarus & Folkman) على أن مواجهة الضغوط عملية مستمرة وليست
نشاطاً أو موقفاً منفرداً وأشارا إلى أن
الأفراد يقومون باستمرار بإعادة تقديم الوسائل والطرائق المختارة لمساعدتهم في
التوافق مع الضغوط التي تهدد سلامتهم , فعندما تحدث التغيرات في الطريقة التي
اختارها الفرد للتعامل مع المواقف الضاغط
أو المشكلة فإنه يغير الموقف الضاغط وأسلوب المواجهة .
وأشار
لازاروس إلى وجود عمليتين متوازنتين للتقويم هما :-
أ-
التقييم الأولي Primary appraisal
تسمى
أيضاً بالتقويم المبدئي وهو حكم الفرد حكماً على نوع الضغوط ودرجة تهديده فقد يقيم
الموقف الذي يتعرض له على أنه (موقف سلبي أو إيجابي , شديد أو ضعيف , ضار أو غير
ضار ... إلخ ) ويتأثر التقديم الأولي بعوامل الموقف إذ يتضمن طبيعة الأذى أو
التهديد أو إذا كان الحدث مألوفاً, أو جديدا أو لم يسبق التعرف عليه من قبل ومدى
احتمال حدوثه ومدى وضوحه أو غموضه في توقع النتيجة .
ب-
التقييم الثانوي : Secondary
appraisal
يحاول
الفرد التخلص من الصراعات التي تسببها الضغوط ويحدد مصادرها التعامل مع الموقف
الضاغط وحرية الاختيار والتقويم , فبهذا يتم تقويم طرائق التعامل واختيار الطرائق
الأكثر فائدة
5-
نظرية الضغوط لهانز سيلي
قدم هذه النظرية عالم الفسيولوجية (هانز
سيلي) الذي يُعد الأب الحقيقي لنظرية الضغط النفسي الحديث , إذ قام بإجراء العديد
من البحوث في موضوع الضغوط إذ تجلت أهمية الدراسة العلمية لهذه الضغوط على يده
يُعد من الرواد الأوائل الذي قدم مفهوم الضغط إلى الحياة العملية ووضع أنموذجاً
للضغوط وعلاقتها بالمرضى إذ يرى أن المرض تعبيراً عن الأهداف النفسية والاجتماعية
حيث أشار إلى أن للضغوط نشاطا مهماً في إحداث معدل عالٍ من الإنهاك والانفعال الذي
يصيب الجسم , فأية إصابة جسمية انفعالية غير سارة كالقلق أو الإصابة بالتعب أو الألم
لها علاقة بتلك الضغوط .
ويؤمـن بـأن درجـة معتدلـة أو متـوسطة مـن الضغوط
النفسية تـؤدي إلى اضـطراب التـوازنات الجسمية . ويؤكد في هذه النظرية أن التعرض
المستمر أو المتكرر للضغوط يؤدي إلى تأثيرات سالبة في حياة الفرد .
وقد
وصف سيلي نظريته في ثلاث مراحل هي :-
المرحلة
الأولى : مرحلة رد الفعل التحذيرية (التنبيه للإخطار)
وتمثل هذه المرحلة الخط الدفاعي الأول
لضبط الضغط النفسي , فعندما يتعرض الفرد للخطر أو التهديد الجسمي فإن ردة فعل
الجسم تكون واحدة حيث تبدأ من الإشارات العصبية والهرمونية في الجسم لتعبئة الطاقة
اللازمة للطوارئ فتزداد دقات القلب ويرتفع ضغط الدم ويزداد إفراز الأدرينالين
وسرعة التنفس وزيادة تدفق الدم لعضلات الجسم لذا يحاول الفرد مواجهة مصدر الضغط
النفسي.
المرحلة
الثانية : مرحلة المقاومة :
هذه المرحلة مرحلة مواجهة الضغط النفسي
من الفرد فُيهيئ الفرد نفسه للمواجهة وعند انشغال الفرد بمصدر الضغط النفسي فإنه
يتعرض لاضطرابات نفسية مثل التقرحات في جهاز الهضم وضغط الدم والربو التي تنشأ
حينما تكون طرائق تعامله فاشلة مع مصادر الضغوط مما يؤدي إلى نتائج سلبية إذا ما
استمرت هذه الحالة لمدة طويلة , إذا لم تستطع القوى الفاعلة التعامل معها خلال مدة
المقاومة فإن الفرد المتعرض للضغوط ينتقل إلى مرحلة الإنهاك .
المرحلة
الثالثة : مرحلة الإنهاك
في هذه المرحلة تنخفض قدرة الفرد على
التعامل مع الضغط النفسي فيصبح مصدر الضغط مسيطراً , مما يجعل الفرد غير قادر على
حماية وجوده تحت المستويات العالية والمستمرة من الضغط النفسي وتضعف المقاومة وقد
تتكرر المراحل الثلاث للضغط عند سيلي مرات عديدة في اليوم الواحد كلما واجه الفرد
موقفاً ضاغطاً فمن الواضح أن هذه النظرية تفسر بشكل واضح الأثر الناشئ عن الضغوط
النفسية التي يتعرض لها الأفراد ودرجة مقاومة المواقف المسببة .